- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“حروب كبيرة”

نجاة شرف الدين

في الوقت الذي تحتفل فيه تونس بمرور سنتين على سقوط زين العابدين بن علي في أجواء من القلق، وفي الوقت الذي تعيش فيه مصر على وقع إستفتاء دستورها الإخواني الجديد، وفي حين غابت اليمن عن الحدث الإعلامي إلا من زاوية الأمن من حين لآخر، وفي الوقت الذي لا تزال البحرين تتأرجح بين تظاهرة من هنا أو توقيف من هناك، تبقى سوريا الغارقة في حمام الدم اليومي في إنتظار لقاء في جنيف، أو إتصال بين واشنطن وموسكو، من دون وجود ضوء في آخر النفق يمكن أن يوقف المعارك والدمار والفوضى اليومية في معظم المناطق السورية.

هي فوضى تحولت مع مرور حوالى السنتين، الى التمدد الى باقي الدول المجاورة ومنها العراق، الذي تتصاعد فيه التظاهرات المناهضة لرئيس الوزراء نوري المالكي، في مناطق أبرزها الأنبار ذات الغالبية السنية، في مقابل تظاهرات مضادة تدعم المالكي في مناطق أخرى ولا سيما بغداد.

ففي غياب أي تسويات سياسية قريبة للملف السوري، مع فشل اللقاء الأخير الذي عقد في جنيف بين المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي ومندوبي أميركا وليم بيرنز وروسيا ميخائيل بوغدانوف، في التوصل الى خارطة طريق يمكن أن تبدأ بمرحلة سياسية إنتقالية، ومع الكلام الأخير للرئيس السوري بشار الأسد في خطابه في دار الأوبرا والذي وصف بأنه ” خارج الواقع ” وردود المعارضة الرافضة لإقتراحاته والتي تشترط الحل من دون الرئيس الأسد، ورد الخارجية الروسية على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف بالقول : ” إن مطلب رحيل الرئيس السوري بشار الاسد كشرط مسبق لإطلاق العملية السياسية في سوريا يستحيل تنفيذه” ودعا وزير الخارجية الروسي مدافعا عن الأسد بقوله ” المعارضة السورية إلى أن تحذو حذو الأسد وأن تطرح أفكارها حول إطلاق الحوار”.

في ظل هذه الأجواء، حيث الحروب الدولية والداخلية قائمة على الأرض السورية، ما بين الحرب الباردة سياسيا الروسية الأميركية من جهة، والحرب الموضوعة على نار هادئة الإيرانية الأميركية،والحرب الإيرانية الخليجية على خلفية توسيع النفوذ الإقليمي الإيراني في المنطقة، والحروب على الأرهاب أميركية وسورية وروسية، والحرب التركية الروسية على وقع صواريخ الباتريوت المنصوبة على الحدود التركية السورية، وما بين الإسلاموفوبيا الروسية والخوف من وصول الإسلاميين على الحدود الروسية، وصولا الى الحرب الفعلية الدائرة على الجبهات السورية بين النظام والجيش السوري الحر والتي يحاول البعض تحويلها لتستخدم في الصراع والتحريض الطائفي السني الشيعي، كل هذه الحروب تخاض اليوم على أرض سوريا.

هذه الحروب الصغيرة التي تدور في سوريا، ومع إطالة أمد الصراع بغياب الحلول السياسية والتدخلات العسكرية، هل ستبقى في داخل سوريا؟ أم ستتمدد الى دول الجوار كلبنان والعراق والاردن كمرحلة أولية، ومن ثم الى المنطقة بأسرها لتتحول الى حروب كبيرة من الممكن إذا ما بدأت، أن تعيد رسم خارطة المنطقة بأسرها، وربما تقسيم جديد لدويلات على قاعدة إثنية وطائفية؟