- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«جبهة النصرة» في سوريا مؤامرة و«أنصار الدين» في مالي ملائكة؟

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

غريب أمر العرب والمسلمين. أغرب هو أمر من يدّعون «الدفاع والزود عن بلاد العرب أمام الهجمة الأمبريالية الغربية». قبل ٤ أيام فقط، أي قبل الهجوم الفرنسي على مالي لردع الجماعات الجهادية و«القاعدة» في شمال مالي عن الوصول إلى العاصمة باماكو، كان هؤلاء المدافعون عن «العرب والمناهضون للغرب» يلفتون نظر هذا الغرب والعالم أجمع إلى خطر الجهاديين في…سوريا.
هؤلاء كانوا يدقون ناقوس الخطر وينبهون الغرب من تفشي الجهادية. هؤلاء كانوا يشيرون إلى قطر والسعودية ودول الخليج بأصابع اتهام بأنها تموّل الجهاديين، هؤلاء، ما إن تحدثت بعض التقارير الصحافية عن «قلق فرنسي من تحركات قطر في الساحل» حتى طرّزوا لها الافتتاحيات وسطروا لها بالخط الأحمر بلفتين نظر الغرب إلى خطورة تحالفه مع السلفية ومن يمول الجهاديين. لم يترددوا من تنبيه الغرب بأن تمويل الجهاديين سوف «يستهدف الغرب في النهاية». هؤلاء مدّوا لائحة طويلة بأفعال الجهاديين المسيئة والبعيدة عن عادات المسلمين من طرد مسيحيي الشرق إلى فرض الشريعة ونمط الملبس والهندام وقطع أيدي السارقين في كل بقعة سيطروا عليها. هؤلاء استفزتهم صور مسيحيي نيجيريا الذين مثلت بهم جماعة «بكو حرام» وتبرئوا من أعمالها وتكلموا بالدين الحنيف. هؤلاء بكوا بكاءً مراً على الأضرحة التي دمّرها جهاديو «حركة التوحيد والجهاد» وجماعة «أنصار الدين» في مالي وباتوا ضالعين في حفظ تراث العالمي، وأشاروا إلى الخوف على آثار سوريا من أفعال «جبهة النصر»، ووصل بهم الأمر إلى الخوف على …أهرامات مصر.
ولكن ما أن تحركت فرنسا لدحر الذين هدموا أضرحة تومبكتو وقطعوا أيدي عددٍ لا يستهان به من سكان شمال مالي وفرضوا عليهم نمط حياة سلفية، حتى نسي هؤلاء المدافعون عن العرب والمسلمين ما كانوا يصرخون به فإذا بـ«طيات التاريخ الاستعماري لفرنسا» تعود إلى صفحة التعليقات والتقارير الصحافية فتصبح مالي «ما بقي من الحديقة الخلفية لباريس» (صحيفة السفير اللبنانية) ويعود هؤلاء للالتصاق بالجهاديين يدافعون عنهم وكأنهم ملائكة رغم أنهم «خليط من مهربي المخدرات» (السفير أيضاً). وتناسى الجميع التحذيرات بشأن خطر الجهادية في تونس وليبيا وسوريا والعالم العربي إذ بمجرد أن هجمت فرنسا لردع الجهاديين، باتت «في عهدة المحافظين الجدد» يحكمها «صقور»(صحيفة الأخبار اللبنانية). نسي الجميع خطر الجهادية بمجرد أن تحركت فرنسا لإنقاذ دولة مسلمة من الوقوع في براثن الجهادية، نسي الجميع «جبهة النصرة» و«ألوية الشام».
التحليلات أيضاً تأتي بعيداً عن الواقعية السياسية والحقيقة التاريخية فتكتب صحيفة «الأخبار» اللبنانية، «فرنسا-هولاند في مالي والصومال لا تختلف عن فرنسا-ساركوزي في تشاد وليبيا» (؟ ! ؟) غريب مثل هذا التحليل المبني على مقارنة «الرز مع البصل» !
هل عشق هؤلاء القذافي كما عشقوا صدام؟ هل يريد هؤلاء المدافعون عن العرب والمسلمين أن تحكم المدن العربية كتائب مثل «شباب الصومال»؟ أم يودون أن تتحرك جماعة «بوكو حرام» بين المدن العربية؟ أو يودون توكيل «جماعة «أنصار الدين» لشؤونهم اليومية أو لإدارة الآثار في العالم العربي بواسطة بولدوزرات وديناميت.
قد تكون فرنسا تبحث عن مصالحها فقط. وهل هذا  عيب؟ ما زالت الطوباوية تحكم عقول العديد من هؤلاء. غريب.
عيب فقط لدى هؤلاء المدافعين عن العرب والمسلمين «لفظياً» لأنهم لا يعرفوا كيف يدافعون «عملياً» عن العرب والمسلمين.

في تسعينيات القرن الماضي صفقتم لتهشيم يوغوسلافيا لأن صربيين هاجموا مسلمي بوسنيا، وصعقتم عندما هوجم العراق ثم أفغانستان واليوم مالي.
استيقظوا أنتم يا يا أصدقاء وتعاملوا مع الدول على أساس المصلحة العليا للعرب ووللمسلمين ولا تتركوا العواطف (القبلية والعصبية وصلة الدم والدين) تتحكم بعقولكم. خذوا من الدول ما تريدون كما «يأخذون من أخطائكم ما يريدون».
تتحدثون عن مؤامرة في سوريا بإرسال الجهاديين لكسر النظام السوري. والآن تتحدثون عن مؤامرة لكسر الجهاديين؟
«جبهة النصرة» في سوريا مؤامرة … «وأنصار الدين» في مالي ملائكة؟ قليلاً من المنطق قد يفيد.
آسف ولكن لا يمكن تجاهل هذه الصورة لما تفعله بوكو حرام في نيجيريا لختم هذه الافتتاحية. صور مؤلمة  كثيرة يمكن دفعها للنشر لأفعال الجهاديين نكتفي اليوم بهذه.