- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نقطة على حرف القضاة الجائلين في ملف جورج العبدالله

روبير بشعلاني

كل شيء يعلمني هذه الأيام أن هناك الداخل وهناك الخارج ولا سيما في مسألة الأوطان.
بكل هدوء هذا الصباح أزعم أن بعض المداخلات في ملف جورج عبدالله لا تحترم هذه القاعدة.
على أي داخل (وطن قبيلة عشيرة …) أن يسترجع مواطنه ليحاكمه في الداخل حتى إذا كان مذنبا أو “مجرما” على حد قول بعض من قرر أن يعين نفسه محكمة جوالة تطلق الأحكام على البشر في البرامج التلفزيونية.
الداخل الذي يحترم نفسه يحترم حتى “مجرميه” يا سيادة “القاضي “. يسترجعه أولا ثم يحاكمه في بلاده. أما أن يجرمه في التصريحات والمقالات المدفوعة الأجر من بعض الكتاب الصغار وهو في أسر دولة أخرى فهو لعمري قمة انعدام الانتماء الى هذا الداخل.
انعدام الانتماء هذا في قيم الغرب الذي تدعون الدفاع عنه اسمه الخيانة.
اعتذر عن التوصيف لكن الأشياء والسلوكيات لها أسماء يستحسن من وقت لأخر التذكير بها.
حقائق أولية في علم القانون وعلم الدول وعلم الاستقلال.
هذا بالمبدأ أما بالوقائع فلا يجوز أن نكون نحن ملكيين أكثر من الملك نفسه. عيب. مسؤول المخابرات الفرنسية يوم توقيف العبدالله يقول اليوم “لقد ظلمناه” بناء على طلب الاميركي ويطالب بإطلاق سراحه فورا وتجد مواطنين له يجرون المحاكمة على الفايسبوك بناء على قصاصة كرّ صحافي جديد في المهنة هذا إذا صدقت النوايا وقل ما تصدق في مثل هذه الحالات.
وزير الداخلية الفرنسي الأسبق شارل باسكوا يعترف في سلسلة من المقابلات التلفزيونية التي أعدت حول هذه الفترة التي كانت تحت إشرافه يعترف أن بلاده كانت في صراع إقليمي مع الايرانيين يومها لكن عنف الاعتداءات التي ضربت باريس في ذلك الوقت ” دفعنا” الى اتهام أناس ابرياء من أجل إسكات الرأي العام وتطمينه. وانا هنا شاهد أكثر من عيان.
من ناحية ثالثة وحتى لو افترضنا أن الرجل قد حوكم محاكمة عادلة, وهذا مشكوك فيه بناء على كافة معطيات القضية سيدي القاضي فالكل يعلم أنه حوكم بموجب قانون الإرهاب الخاص الذي يتيح للمحكمة النطق بشكل استثنائي بأحكام لا تستند الى دلائل حسية بل الى شكوك الأجهزة المعلومة, فهو قد أنهى فترة محكوميته منذ العام 1999 فلماذا الإبقاء عليه محتجزا حتى اليوم ؟
رابعاً, وبرسم هؤلاء القضاة المرتجلين الحقيرين, عليكم وبإسم قيم القانون و”المجتمع المدني” التي تتلحفون بها ليل نهار أن تعلموا أن محكمة تطبيق القوانين الفرنسية قررت يوم ربطت قرارها الإفراج عن جورج العبدالله بقرار إداري وبملىء إراداتها أن تتخلى عن قيمة أساسية في القانون هي استقلالية القضاء ومرجعيته في حسم الأمور العالقة بين المواطنين أنفسهم أو بين السلطة والمواطنين. فكيف يمكن محكمة أن تحكم برد سلطتها الى إدارة هي في موضع الاتهام ؟
كان على المحكمة نظريا ووفق علم القانون أن تنطق بناء على “قناعتها الدفينة” إما باستمرار احتجازه وإما بإطلاق سراحه. والباقي من مسؤولية الإدارة تطرده أو تبعده عن الأراضي الفرنسية أو تبقي عليه في حجز إحتياطي أو إداري فهو أمر قانوني آخر. أما أن تحكم بحل نفسها لحساب الإدارة وهي الخصم والحكم فوالله حكم قراقوش كان أعدل.
وبوسعي أن أطيل بالوقائع اكثر وأكثر لكني أكتفي بهذا القدر.
بعض المرضى الفلتانين من عصفوريات بلادنا بسبب الحرب فلتوا علينا مؤخرا بتحليلات تسعى لمحاكمة سياسية للعبدالله. وأيا كانت صحة هذه التحليلات من عدمها, فهي للأسف في غير توقيتها وفي غير موضعها. لأنها خارج الموضوع وهدفها التشويش عليه والدفاع عن الإدارة الفرنسية التي تحتاج في مثل هذه الحالات الى دعم “سياسي” وغير قانوني.
كونوا رحماء على ابناء جلدتكم يا بشر على الأقل بمستوى رحمة مسؤول المخابرات الفرنسي يومها إيف بونييه أو بعض الكتاب الذين عملوا على الملف ونشروا كتبا معروفة عنه.
لا نطالبكم بموقف وطني من القضية. معاذ الله من الإعتماد عليكم في هذا المجال. فقط موقف حقوقي من القيم التي تبيعونها في متاجركم “الحديثة” و”المعاصرة”.‬