- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حرب شاملة في الصحراء الكبرى

باريس – بسّام الطيارة

من هو العدو الذي تقاتله فرنسا في الساحل؟ هل هو محصور في مالي؟ التطورات في الساعات الـ24 الأخيرة أظهرت أن فرنسا تخوض حرباً رحاها يمتد على كامل الصحراء الكبرى من شمال النيجر وغرب التشاد وجنوب ليبيا والجزائر شمالاً إلى موريتانيا غرباً. وأن مالي في طريقها للتحول إلى أرض جهاد للجماعات السلفية الأفريقية، التي بدأت ترسل مقاتليها لمواجهة الجيش الفرنسي.
فمن مريتانيا دخلت المجموعة المسلحة التي اختطفت الغربيين حسب قول وزير الداخلية الجزائري «دحو ولد قابلية» في تصريحات للتلفزيون الجزائري وأكد أن « المجموعة الارهابية التي هاجمت مشأة الحياة النفطية لم تأت من مالي ولا من ليبيا» وكشف أن «مختار بلمختار» الملقب بـ«الاعور» هو قائد هذه المجموعة. وكان «الأعور» قد هدد بالرد على اي تدخل عسكري في مالي. وقد طالبت المجموعة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بوضع نهاية للعمليات العسكرية الفرنسية ضد الاسلاميين في شمال مالي مقابل الحفاظ على سلامة عشرات الرهائن.
هذا الهجوم على منشأة «بريتش بتروليوم» البريطانية في الحزائر يعتبر نقلة نوعية للقتال الذي تقوم به جماعة «أنصار الدين»، وجماعة «التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية»، وتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» ويفتح جبهة جديدة في منطقة «عين أمناس» الجزائرية ويجبر حكومة الرئيس بوتفليقة، بعد تردد طويل على التحرك إلى جانب باريس لدحر الجهاديين و«تنظيف المنطقة» التي تحولت إلى «بؤرة يتغلغل فيها تنظيم القاعدة» حيث بات للمجموعات المقاتلة قواعدة ثابتة ومتحركة ومخازن أسلحة حسب ما نقل مصدر فرنسي مقرب من هذا الملف.
وبالفعل فقد تحركت قوة جزائرية، بعدما حاصر الجيش الجزائري المنطقة، التي أعلنت فيها حالة الطوارئ، في محاولة لدخول المنشأة إلا أن إسلاميين مدججين بالسلاح قالوا لوكالة أنباء نواكشوط إنهم صدوا تلك المحاولة. وقالت الوكالة نقلا عن مصدر في الجماعة إن المسلحين تبادلوا اطلاق النار مع الجنود الجزائريين الذين اضطروا للتراجع. ويقول المصدر إن «عدد الخاطفين يبلغ العشرات وهم مسلحون بأسلحة خفيفة وثقيلة بينها مدافع الهاون ومضادات الطائرات».  ومن المتوقع أن يكرر الجيش المحاولة ما قد يقود إلى مجزرة  فهو لم لم يسبق له أن وافق على إجراء أي مفاوضات مع الجماعات الجهادية تحت الضغوط. وقد طالبت المجموعة التي تسيطر على المنشأة النفطية والتي عرفت نفسها باسم «موقعون بالدم»، بإطلاق سراح مئات المعتقلين من الإسلاميين في السجون الجزائرية ونقلهم إلى الحدود المالية، وهو ما رفضه على الفور «بن قابلية»، فيما أعلنت المجموعة أنها زرعت عبوات ناسفة في المنشأة وهددت بنسفها إذا لم تتم الاستجابة  لمطالبها.
في هذا الأثناء تقدم الجنود الفرنسيون الذي دخلوا في المعارك الميدانية لاول مرة نحو شمال البلاد لمطاردة المقاتلين السلفيين، ووصلت القوات الخاصة الفرنسية إلى «ديابالي» واشتبكت مع الاسلاميين «وجها لوجه» كما يشارك الجيش المالي في المعركة حسب عدة مصادر.
ويشكل هذا الزحف نحو الشمال مرحلة جديدة في التدخل الفرنسي بعد غاراته الجوية التي بدات في 11 كانون الثاني/يناير ، على وسط وشمال البلاد لمنع زحف الجهاديين نحو العاصمة باماكو في الجنوب. وقالت هيئة الأركان الفرنسية إن قواتها انتقلت بعد تأمين العاصمة المالية من مرحلة وقف زحف الجماعات الجهادية  إلى مرحلة مطاردتها في عقر دارها. إلا أن انسحاب الجماعات الجهادية من المدن ومراكز تجمعها التي تعرضت للغارات الجوية في بداية الحملة، وانتشارها في مواقع متعددة سوف يجبر القوات الفرنسية على مطاردتها في الصحراء في حرب «رمال متحركة»  ضد جماعة «أنصار الدين» ومعها «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» (الطوارق) وهما تتمتعان بخبرة قتالية وتعرفان المنطقة جيداً حيث أنشأ الجهادوين  راوبط قبلية في الساحل عبر سياسة «زواج المقاتلين».
وهذه المجموعات استولت في ليبيا على كميات كبيرة من أسلحة الجيش الليبي كما أن عدداً كبيراً منهم خدم في صفوف جيش القذافي لسنوات. وكشفت  مصادر فرنسية أن عدد من الكتائب المالية التي جهزتها الولايات المتحدة ودربتها لمحاربة تنظيم «القاعدة» انضمت إلى المجموعات الإرهابية في مطلع السنة الماضية معد بدء إحتلال شمالالبلاد. ويعرف الفرنسيون أن مواجهة هؤلاء  ستكون صعبة  لأنهم حصلوا على تدريب عال وعلى أجهزة  تواصل متقدمة، ويعرفون جيداً استراتيجية القتال في الصحراء التي يتبعها الغربيون.