- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

القانون الفدرالي

نجاة شرف الدين

لم يهدأ الجدل الدائر في لبنان حول قانون الانتخابات على خلفية طرح ما بات يعرف ب ” القانون الأرثوذكسي ” ، ولم تهدأ التصريحات والمواقف الداعمة والمعارضة على حد سواء كل لإعتباراته وأسبابه ، إلا أن مجرد النقاش فتح الباب واسعا أمام الإعلام والسياسة لجهة تصعيد اللهجة الإعلامية والتوظيف السياسي لتحقيق النقاط سياسيا ، كما خلط الأوراق داخليا من خلال تصدع التحالفات ما بين قوى  8 و 14 آذار .
الضجيج الإعلامي الذي أحدثه قانون ” اللقاء الأرثوذكسي ” والذي إعتبر أنه حقق توافقا مسيحيا بين الأقطاب الأساسية لا سيما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب وتيار المردة وبرعاية من بكركي ، لم يهدأ عند رفض تيار المستقبل ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط إضافة الى بعض الشخصيات المستقلة في الرابع عشر من آذار ، بل وصل الى حدود الحملات على مواقع التواصل الإجتماعي والإنترنت التي تنتقد القانون وتشبهه بقانون الدويلات المذهبية ، لا بل المناطقية ، من خلال إنتخاب كل طائفة لنوابها ، تحت شعار حماية حقوق المسيحيين في إختيار ممثليهم ، في مقابل باقي الطوائف التي تأتي بنوابها إضافة الى نواب مسيحيين يصلون بأكثرية الأصوات المسلمة .
الإعلام المنقسم سياسيا ، دخل أيضا في السجال الدائر مدافعا أو مهاجما تبعا لتبعيته ، إلا أن العديد من المقالات والتحاليل حذرت من الوصول الى هذا القانون لما له من إنعكاسات على الوحدة الوطنية والعيش المشترك وهو الأساس في دستور الطائف ، في مقابل من إعتبر أن المناصفة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين لم تطبق حتى الآن من خلال القوانين الإنتخابية السابقة وبالتالي فهذه المناصفة يمكن أن تتحقق للمرة الأولى اليوم من خلال قانون الأرثوذكسي الذي يضمن وصول المسيحيين بأصوات المسيحيين .
هذا الجدل اللبناني ، يبدو أن أصداؤه قد تم إستساغتها في المحيط العربي لتصل  الى مصر ، فإستهوت البعض ليطالب بأورثوذكسي ” قبطي ” يضمن أن يحصل الأقباط على ممثليهم ، في ظل الحكم الإخواني الجديد ، والخوف المسيحي من الهوى الإسلامي الذي يعصف ببلدان ” الربيع العربي ” ، وبدأت كرة الثلج ” الأرثوذكسية ” تتدحرج على من بقي من المسيحيين في المنطقة ، لا سيما العراق وسوريا وحتى الأردن ، لتنعش المشاريع الفدرالية التي إستفاقت في هذه اللحظة من الخوف على مستقبل المسيحيين في المنطقة .
ثمة من إعتبر مجرد طرح قانون اللقاء الأرثوذكسي في هذه المرحلة ، بأنه إختبار للنوايا وردود الفعل ، ليس للمسيحيين في لبنان فقط ، بل ربما  التحضير لمرحلة مقبلة في المنطقة ككل ، وهو حتى لو لم يتم تطبيقه في العام 2013 , سيكون مقدمة لأعوام لاحقة يمكن أن تتشكل فيها مستقبلا  كيانات فدرالية يكون قانون كاللقاء الأرثوذكسي أحد أعمدتها الأساسية .