- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

شيعة الخليج ورياح التغيير بقلم وسيم نصر

وسيم نصر
لا شك أن المملكة العربية السعودية تتحضر لأسوأ السيناريوهات في السنوات المقبلة، إذ إن إختيار الأمير نايّف كوليّ  للعهد ليس بخيارٍ عادي. فوليّ العهد الجديد هونفسه وزير الداخلية السعودي منذ ١٩٧٥، إذاً فهوعليمٌ ملمٌ بخفايا المملكة وعارفٌ لموازين القوى فيها، مما يضمن إستمرار المعادلة القائمة على النطاق الداخلي ومما يضمن أيضاً إستمرار النهج الحالي دون تغييرٍ يُذكر. الجدير بالذكر أيضاً أن الأمير نايف عيّن إبنه محمد، المسؤول عن مكافحة الإرهاب، نائباً لوزير الداخلية، مما يعني أنه مناط بعمل أبيه وليّ العهد الجديد.
إختيار الرجل يُحدد ما تتحضر له المملكة ويحدد أيضاً السياسة التي ستتبعها مع محيطها ومع العالم.
إذا تمكن آل سعود من لجم المطالبين بالتغيير،  فإن هذا الحل ليس إلا حلاً مؤقتاً. فكيف في عصرنا يمكن لجم وكم فئات كاملة من المجتمع السعودي. فالحل ليس بإبعاد الآخر أوبالخوف منه،  بل بكسبه كمواطن كامل الحقوق والواجبات. ذلك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جعل النظام القائم عادلاً تجاهه ومؤمّناً لفرص العمل والعيش الكريم.
بعكس ما يروّج له فإن شيعة البلاد العربية هم من أكثر المتمسكين بعروبتهم وبأوطانهم. إذا نظرنا نظرةً متجردةً إلى واقع الأمور ودروس التاريخ نرى الكثير من الدلائل على ذلك. ألم يكن شيعة العراق وقود الحرب الطويلة والغبية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أقول غبية لأن الكل يعرف أن الجميع خرج خاسراً من هذه الحرب. وبنظر الكثيرين لما عاشت الجمهورية الإسلامية لولا هذه الحرب التي جمعت الشعب الإيراني حول دولته.
لكن دعونا نعود إلى صلب موضوعنا ألا وهو شيعة بلاد العرب. ففي البحرين، وبالرغم من تهم الخيانة والأحكام المجحفة، فإن حزب الوفاق، وهو أكبر ممثل للأكثرية الشيعية في البلاد، لم يدع أبداً إلى إسقاط الحكم الملكي في يد الأقلية السنيّة. إذا قُمع هؤلاء الآن وسجنوا وأقصوا عن الحياة السياسية والإجتماعية، فإن هم لم يصبحوا متشددين فأولادهم سيصبحون.
ألم يتعلم حكام العرب من أخطائهم أوأخطاء غيّرهم؟ ألم نر صدام حسين يُشنق والبلاد تتمزق وتضيع من العرب لتُقسم بين نفوذ تركي في الشمال، وإيراني في الجنوب وفسادٍ وخراب في الوسط؟
لماذا وهو كما سبق وذكرت أكثر الذين قاتلوا بإسم العرب والعروبة هم شيعة العراق. ألم يكن السيستاني من معارضي نظرية ولاية الفقيه، ألم يكن الصدر والتيار الصدري من معارضي النفوذ الإيراني قبل أن يُجبر على الإرتماء في أحضان الجمهورية الإسلامية بسبب غباء أو دهاء من كان يملك زمام الأمور في ذلك الوقت.
السيد فضل الله في لبنان وهومن أكثر فقهاء الشيعة حكمةً ومرجعيةً، ألم يكن أيضاً من معارضي فكرة ولاية الفقيه؟ ولكن عندما نروج لفكرة الهلال الشيعي والخطر الشيعي نخلق شرخاً عميقاً وندفع بالشيعة إلى النظر بإتجاه إيران. كلما تحرك الشيعة، بمطالب محقة أوغير محقة رأينا يداً إيرانية في الخفاء.
إن عدنا إلى المملكة العربية السعودية نرى أن العائلة المالكة لا تنوي إعادة النظر بسياستها تجاه أقليّتها الشيعية. أقليّة تعيش على طول الشاطئ الشرقي حيث توجد أكثرية آبار النفط وأكثرية الموانئ النفطية والغازية. علماً أن ثورة أو خللاً أمنياً في رحاب السعودية سيؤدي إلى فوضى عارمة في كامل المنطقة الخليجية وإلى كارثة إقتصادية عالمية. إلى متى سيبقى حكام العرب قصيري النظر والبصيرة. كفانا الآفاق الضيّقة التي لا تولد سوى التطرف والحقد جيل بعد جيل…