- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إمام الجامع الأموي بات رجل دولة

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

هل يعمل معاذ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري لمصلحة بشار الأسد؟ لا الخطيب بخروجه أمس أظهر، ولو بعد حين، أن اختياره لقيادة الائتلاف لم يكن صدفة، وأن ما قاله الفرنسيون تبريراً لاختيار «إمام جامع» ووصفهم له بأنه «رجل دولة» يبدو اليوم في محله.
معاذ الخطيب يريد وقف المجزرة في سورية، وهو يقول من موقعه ما قاله الخبراء من مواقعهم: النظام يقاوم ويمكن أن يدوم لسنوات عديدة وأن سوريا تعاني من خراب لا يوصف.
ثم أن الخطيب، مثله مثل كل السوريين، يعرف معطيات تتجاهلها الصحافة العالمية وتقفز فوقها وتتجاهلها إما لأنها لا تتوافق مع رؤيتها أو لأنها تلهث وراء الخبر الساخن وتعداد الضحايا الذين يسقطون بالمئات يوميا.
يعرف الخطيب أن الثورة السورية بدأت منذ أشهر بالتحول من ثورة تسعى وراء الحرية وتريد بناء سوريا الديموقراطية المتنوعة كما هو مجتمعها المتعدد، إلى ثورة عديمية تزرع الفتنة في المجتمع السوري والخراب في العمران والمنشآت، وتؤسس لنشوء بيئة سلفية في محيط عاش بوئام دائم منفتح على كافة مكوناته.
ويعرف أيضاً الخطيب أن الجيش السوري الذي بدأت الانشقاقات تضرب به في بداية الثورة عاد وتماسك عندما شاهد تحول الثورة وأسلمتها المتطرفة. ويعرف أيضاً أن بعض من يعيش في المناطق «المحررة» بات يئن تحت وطأة حكم السلفيين الذين يفرضون تعليم الدين للأطفال وتطبيقا صارما للإسلام، ومنعاً بالقوة لبيع وتناول الكحول ويجبرون الناس على التوجه للمساجد للصلاة خمس مرات في اليوم مع فرض إغلاق  المحلات خلال أوقات الصلاة.
يعرف رئيس الائتلاف الوطني السوري بأن العمليات الانتحارية لا تضر بالنظام بقدر ما تضر بالمواطنين الأبرياء وبسمعة الثورة. ويدرك بقوة أن المزج بين ثوار يطلبون الحرية وكتائب السلفية قاد إلى تغيير نظرة الحلفاء الغربيين، وقاد إلى وضع بعض فصائلها على لوائح الإرهاب. والخطيب على يقين أن جفاف المساعدات وندرة الذخيرة مرتبطان بخوف الحلفاء من الاصطفاف إلى جانب حلفاء تنظيم القاعدة.
يطرح معاذ الخطيب اليوم نفس الأسئلة التي يطرحها المراقبون عندما يرون أن ما هب ودب من مقاتليين إسلاميين أموا سوريا لجعلها أرض جهاد: كيف سيكون وجه سوريا لو دام القتال سنوات كما بدأت تشير الأوضاع على الأرض؟.
اليوم تجتمع قيادات الائتلاف حيث سوف يتم قياس ميزان القوى بين من يقف وراء براغماتية الخطيب وبين من يقف وراء أهداف عديمية تطحن سوريا وترمي المزيد من اللاجئين على الطرقات وتطيل لائحة الشهداء.
حتى ولو نجح الخطيب في دفع أركان الائتلاف نحو الأخذ بطرحه ومساعدته على تحسين شروطه لمفاوضة النظام، هذا لا يعني أن النظام قد انتصر. فالنظام بشكله الذي عرفته سوريا منذ أربعة عقود ونيف انتهى. وحكم العائلة الواحدة انتهى. ومستقبل بشار الأسد في السياسة السورية بحكم المنتهي. في حال نجحت المفاوضات فإن الرابح الأكبر تكون الدولة السورية كمكون يحفظ الشعب السوري من التشرد والتشرذم.