أعرب بطريرك الموارنة اللبناني بشارة بطرس الراعي عن قلقه من تزايد عمليات استهداف المسيحيين، على خلفية الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت اكثر من دولة عربية هذا العام، مؤكداً على خشيته من ان تمهد هذه الانتفاضات الطريق امام المتشددين للوصول الى السلطة، وبالتالي نشوء انظمة حكم اكثر تشددا.
وفي كلمة للراعي الذي وصل الى العاصمة العراقية، بغداد، يوم الاثنين للمشاركة في مراسم احياء الذكرى الاولى لتعرض كنيسة سيدة النجاة بوسط بغداد لهجوم مسلح ادى الى مقتل 47 من المصلين المسيحيين واصابة نحو مئة بجروح، حث العراقيين على التكاتف والوحدة ونبذ الفرقة بينهم.
وفي حين دعا “من تبقى من المسيحيين العراقيين الى الصبر وعدم الهجرة”، عبر عن “قلقه المتزايد جراء استمرار عمليات استهداف المسيحيين في الدول التي شهدت انتفاضات شعبية عرفت اعلاميا باسم “الربيع العربي”، قائلاً، في نفس المكان الذي شهد مقتل عشرات المسيحيين العام الماضي: “انا اخاف على المجتمع العربي ان يفقد دوره؛ اذا تحول كله الى لون واحد سيفقد كل معانيه”.
وفي رده على سؤال فيما اذا كان يخشى على مستقبل المسيحيين في منطقة الشرق الاوسط بسبب الاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية، قال الراعي “إنه مع الربيع على ان يكون ربيعا لا ان يكون شتاء”. وأضاف: “ينبغي ان يصار الى التغيير في كل البلدان العربية، فنحن بحاجة الى الديمقراطية والى تداول السلطة والى حقوق الانسان الاساسية وحريات الانسان العامة، بما فيها حق التعبير وحق المعتقد وحق العبادة”.
وانتقد البطريرك الماروني الذي التقى بكبار المسؤولين العراقين خلال زيارته، تدخل الدول الغربية في الدول التي تشهد حراكا شعبيا، محذرا تلك الدول من تكرار التجربة العراقية، وقال: “انا قلت ان الغرب يطالبنا بالديمقراطية. وصار الاجتياح العراقي لجلب الديمقراطية. قلت اين الديمقراطية التي كان ثمنها مليون مسيحي هاجر وحرب أهلية لم تنته بعد”. وطالب الحكومة العراقية باتخاذ اجراءات لحماية المسيحيين “لان هناك من الخطب والكتابات ما يحرض ضد المسيحيين، مضيفاً: “نحن نطالب الحكومة العراقية ان تكمم الافواه وان يصار تعميم ان لا يستمر هذا التكفير والى عدم خلق هذا التيار المعادي للمسيحية”.
وهذه هي الزيارة الأولى للبطريرك الراعي الى العراق بعد انتخابه بطريركا لكنيسة الموارنة في لبنان في مارس/ اذار الماضي.
وكان المسيحيون في العراق عرضة للكثير من الهجمات المسلحة الدموية خلال الفترة التي اعقبت الغزو الامريكي العام 2003. وتعرض الكثير من الكنائس، خصوصاً في بغداد والموصل حيث تتواجد غالبية المسيحيين، الى العديد من الهجمات التي كان شنها تنظيم القاعدة وراح ضحيتها عدد كبير من المسيحيين. وتسببت تلك الهجمات في ارغام اعداد كبيرة من المسيحيين على الهجرة الى مناطق الاقليم الكردي في شمال العراق، فيما هجرت اعداد كبيرة اخرى البلاد.
وكانت مصر أيضاً شهدت، في اعقاب الانتفاضة الشعبية التي ادت الى سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، عمليات عنف وتفجيرات استهدفت احدى الكنائس ونشوب صدامات بين المسلمين والمسيحيين، ادت الى مقتل العديد من المسيحيين، ما دفع ناشطين سياسيين الى التحذير من أن تؤدي حركات ما يسمى بالربيع العربي الى وصول متشددين اسلاميين الى السلطة، وهو تطور تنظر اليه الاقليات الدينية في تلك البلدان، وخصوصاً المسيحيين، بكثير من القلق والترقب والخوف على مستقبلها في المنطقة.