- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قراءة في مقابلة الحريري

جاد عويدات

شاهدت مقابلة الحريري على شاشة LBC في برنامج كلام الناس مع “مرسيل”. لعل هذا اللقاء التلفزيوني حطم الأرقام القياسية من خلال المشاهدة لانه بُث في نفس الوقت على قناة المستقبل ونقل عبر أثير إذاعة الشرق. وتكمن أهميته بعد صمت طويل للحريري ويأتي على بعد عدة اشهر من استحقاق الانتخابات النيابية المرتقبة في ظل المعطيات الجديدة التي يشهدها محيط لبنان.
ركز الحريري على مخاطبة الرأي العام المسيحي عبر الحديث عن هواجسهم. هواجس المسيحيين، هذه العبارة تكررت عشرات المرات عندما قدم مقترحاته للسير في مشروع قانون انتخابات على أساس دوائر صغرى ولاحقا عبر إنشاء مجلس للشيوخ يحفظ حقوق الطوائف اللبنانية كافة. كذلك توجه ببعض الغمز الى الحليف السابق و”المتردد” و”السباح الماهر” وليد جنبلاط. فهل نجح الحريري في إقناع هذين الطرفين؟ وهل المسيحيون هم طرف سياسي واحد ووحيد؟
هذه المقابلة هي أشبه بخطاب ألقاه الحريري ليعرض فيه رؤيته للمرحلة القادمة، اقتصر دور مرسيل غانم على طرح الأسئلة القصيرة والتذكير ببعض النقاط والأحداث من دون ان يقاطعه أو يبين له التناقض في بعض الأحيان.
بكل الأحوال نجح الحريري في تسجيل نقاط سياسية مهمة وسبَّاقة، عبر تبنيه مشروع الزواج المدني الاختياري في بلد مليء بالشباب الطامح الى التخلص من أعشاش الطائفية والحقد الأعمى ومن تطبيق سياسة “قطعان الغنم”.
والاهم من ذلك انه الحريري تحدث عن ضرورة تبني خطاب وطني جامع ودعا إلى الحوار لحل المسائل الخلافية والعالقة بين اللبنانيين. وعلى الرغم من الظلم كبير الواقع على تيار المستقبل، فإن هذا الظلم “لن يدفعنا” الى التطرف ولكن يبقى الاعتدال سمة تياره السياسي. هذا التذكير والتأكيد على اعتدال تيار المستقبل ورفضه للمظاهر المسلحة والمتطرفة التي استفادت من غياب الحريري عن الساحة اللبنانية، طال انتظاره ولكن الحريري أعاد الأمور الى نصابها، يبقى ان تصل الرسالة الى الشارع المؤيد ويتم الأخذ بها. الحريري الأب الذي بنى تيارا وطنيا جامعا من الكوادر اللبنانية من جميع أطياف الشعب اللبناني لم يكن ليرض بما آل اليه تيار المستقبل بمعية بعض نواب التيار.
قراءة موضوعية لمقابلة الحريري، تبين في المقلب الآخر عمق الخلاف مع حزب الله حول الكثير من القضايا، كتسليم المتهمين في انفجار ١٤شباط للمحكمة الدولية، سلاح حزب الله في الداخل اللبناني ومشاكله، والعاصفة السورية وانعكاسها على لبنان. وهي قضايا محقة بكل تأكيد. لا شك بأن هذه الخلافات هي أخطر على لبنان من هواجس بعض الطوائف، خصوصا ان جسور التواصل مقطوعة كليا بين المستقبل وحزب الله والاحتقان في الشارع وصل الى “ما بعد” الخطوط الحمر، وأيٌ من الطرفين لم يُقْدِم على خطوة الى الامام. والى متى ؟ أليس حوار قصر بعبدا برعاية رئيس الجمهورية قادر على كسر هذا الجليد؟ سؤال لم يطرحه مرسيل غانم على الحريري.
على الرغم من صراحة الحريري المعهودة وبعض التهكم في الحديث عن الخصوم، فانه لم يقدم الجديد حول طروحات تيار المستقبل وثوابته بغض النظر عن الموافقة على هذه الطروحات أم لا  ومع ذلك قدّم اعلاميا ما عنده دون مواربة،
ننتظر ردود الأفعال وتقديم “البراهين” من الأطراف الأخرى.