- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مصر: هل يتحالف السلفيون مع الليبراليين

ألان غريش

تسود فكرة في الصحافة وفي الإعلام مفادها أن «الإخوان المسلمين في مصر يجابهون العلمانيين» وذلك منذ وصول الرئيس محمد مرسي مرشح الإخوان إلى السلطة.
لقد أشعل الحكم بالموت على ٢١ مؤيد لفريق كرة قدم بور سعيد  بتهمة التسبب بقتل العشرات من مؤيدي النادي الأهلي المواجهات في الأول من شباط/فباير. وقد أججت قساوة هذه الأحكام كون السلطات القضائية عاجزة أو مترددة بمحاكمة رجال النظام البائد الذين تسببوا بمقتل المئات إبان الثورة. أضف إلى أن رجال الشرطة المتهمين في حادثة بور سعيد لم تتم محاكمتهم.
وقد أظهرت حوادث بور سعيد الدور الملتبس الذي تلعبه الشرطة إذ أن عدداً لا بأس به من الضباط لا يخون كونهم معارضين للرئيس الجديد. ويشهد عدد من الصحافيين بأن الشرطة لا تتردد باللعب في النار بشكل مكشوف للاستفزاز. وقد اضطر وزير الداخلية للهرب خلال تقديمه مراسم العزاء للرجال الشرطة الذين قضوا في مواجهات ٢٦ كانون الثاني/ يناير. (راجع فادي صلاح في ديلي نيوز)
إن الصعوبة في فهم التطورات الأخيرة تكمن في أن الإخوان لا يسيطرون على آلة الحكم في الدولة ( ولا يسيطرون على السلطة الدينية ولا على الإعلا الرسمي حيت يبرز تنوع لم يكن معهوداً إبان حكم مبارك). إذا فإن «أخونة» الدولة لا تهدد مصر اليوم (رغم أن جنوح الإخوان نحو التسلط هو بارز بشكل لا غبار عليه)، ما يتهدد مصر هو «الفوضى».
لقد مرّ حبر تواصل حزب النور السلفي مع جبهة الإنقاذ الوطنية  التي يديرها عبد المنعم لفتوح مرور الكرام من دون أن يلفت الانتباه، وتوقيع الطرفان وثيقة تدعو إلى تأليف حكومة وجدة وطنية (راجع الأهرام أون لاين)
وجب هنا التذكير بأن حزب النور حصل على ٢٥ في المئة من الأصوات في الانتخابات النيابية وأنه تعرض لحالة انشقاق حين تقرب فريق كبير من أعضاءه من الإخوان (حول تشابك المسائل المتعلقة بالسلفية في مصر يجب الاطلاع على ما يكتبه «ستيفان لاكروا» خصوصاً كتابه «السلفية هي العقيدة الخالصة» (راجع لوموند في ٢٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢).
إن الاتفاق الذي وقع يتضمن ثماني نقاط: تأليف حكومة وحدة وطنية، وإنشاء لجنة لتعديل المواد الدستورية موضع الجدل، والتشديد على عدم انحياز أجهزة الدولة وتعيين مدعي عام جديد، إنشاء لجنة قضائية للتحقيق في أعمال العنف الأخيرة، ووضع ميثاق يمع استحواذ السلطة من قبل فريق واحد للهيمنة على الحياة السياسية، ثم رفض كل أشكال العنف وتأكيد حرية التظاهر السلمي، وأخيراً إيجاد ميثاق شرف للتعامل بين الأحزاب.
إن موقف السلفيين الملتبس تجاه الإخوان ليس جديداً، وقد سبق لي وتحدثت هنه في «لوموند ديبلوماتيك عدد تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١» بعنوان «مصر من الديكتاتورية العسكرية إلى الديكتاتورية الدينية». (راجع المقال باللغة العربية)
قد يقول بعض الذين يرون مصر فقط عبر منظار إسلامي ما هذا الهراء تحالف السلفيين مع الليبراليين ؟ ولكن لماذا لا نسعد بعودة المنطق السياسي الذي يقود إلى تحالفات ومواجهات سياسية؟