- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

زواج مدني بخط عسكري

نجاة شرف الدين
على هامش الصراع السياسي الدائر في لبنان ما بين فريقي 8 و 14 آذار ، حول مختلف القضايا السياسية من سوريا وصولا الى قانون الإنتخاب  ، برز نقاش من نوع آخر في وسائل الإعلام ولا سيما عبر الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي وينتقل ليطرح على المسرح السياسي ويصبح مادة سجالية ، فقد تحول مشروع الزواج المدني الإختياري ،والذي تصاعدت وتيرة طرحه   مع إعلان الثنائي “نضال درويش وخلود سكرية ” التوقيع على عقد زواج مدني وتسجيله عند كاتب العدل بعد شطب المذهب عن الهوية تسهيلا ، نظرا لعدم وجود قانون أحوال شخصية مدني في لبنان ، ولا يزالان بانتظار القبول به في وزارة الداخلية .
هذه الخطوة التي أثارت ردود فعل على مختلف المستويات المعارضة والمؤيدة ، نقلت ملف الزواج المدني من مرحلة ” الحلم ” لفئات إجتماعية تؤمن بالدولة المدنية أو الدولة العلمانية بفصل الدين عن الدولة  ، الى مرحلة وضع الملف على سكة التطبيق الفعلي ، من خلال تشكيل قوة ضغط إعلامية بالدرجة الأولى ، وصولا الى التأييد السياسي ، والذي بدأه رئيس الجمهورية ميشال سليمان ، ولن ينتهي بتأييد الرئيس سعد الحريري ، ولو أنه واجه حملة من رجال الدين ، على مختلف إنتماءاتهم ، وكان على رأسهم مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني ، الذي إعتبر من يقوم بهذا الزواج بأنه “مرتد” ، وهو ما إستدعى ردا شرسا أيضا من المواطنين ، المؤيدين والممارسين لهذا الزواج ، خاصة أن الزواج المدني ، معترف به ، عمليا بعد إتمامه في الخارج ، ويمكن تسجيله في دوائر الأحوال الشخصية ، فلماذا هذا الإلتفاف الذي لن يؤدي  سوى الى مزيد من التأخير   والتعقيدات الإدارية .
ملف الزواج المدني والذي رفضه بحجة التوقيت  كما قال الرئيس نجيب ميقاتي ، بدأ يتدحرج ككرة الثلج ، عبر الحملات المؤيدة التي تقام على مواقع التواصل الإجتماعي ، وحملات التواقيع ، كما في الواقع مع إنضمام ثنائي آخر وهذه المرة مسيحي ومسلمة وهم ” شذا خليل وطوني داغر ” لتسجيل عقد زواجهما المدني في لبنان ، بعد شطب المذهب عن الهوية .
ثمة أسباب عديدة تمنع المستفيدين من القبول بالزواج المدني ، ولو إختياريا ، تبدأ بمصالح المحاكم الشرعية والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية على حد سواء  ، ولا تنتهي في السياسة الطائفية لزعماء الطوائف  عبر إبقاء مصلحة الطائفة  فوق  أي إعتبار ، وهذه الخطوة التي يمكن أن تكسر الحواجز الموضوعة بين المواطنين في البلد الواحد ، سيكون تأثيرها أكبر على وعي الناس لمصلحتهم كمواطنين أولا قبل أن يكونوا أقليات طائفية .
صحيح أنه في ظل الحديث عن الأزمات الكبرى والحروب الدائرة في المنطقة ، سيقال إن هذه الخطوة ربما ليست من الأولويات ، بحجة القضايا الكبرى ، ولكن ، نعم الزواج المدني أولوية ، وتغيير الأحوال الشخصية أولوية ، والدولة المدنية أولوية ، والقانون المدني أولوية ، وأكثر من ذلك تمرير الزواج المدني اليوم وليس غدا عبر خط عسكري متجاوزا العراقيل تحت أي حجج كانت إدارية أو سياسية أو طائفية، أولوية  ….