- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الذكرى المشؤومة

علي ناصر الدين

علي ناصر الدين

في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الجاري تحل الذكرى العاشرة للهجمات الإرهابية التي قام بها عناصر من القاعدة على برجي مركز التجارة الدولي في نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن، والتي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، من ضمنهم عرب ومسلمون، بالإضافة الى آلاف الجرحى، منهم من نجا بإعجوبة ومنهم من أصبح معاقا دون أي ذنب ارتكبوه سوى وجودهم في مكاتبهم أو في طريقهم الى أعمالهم.

ليس من الضروري العودة لاستعراض ما حصل بالتفصيل من كوارث خلال العقد المنصرم للعرب والمسلمين، إن في بلدانهم أم في أماكن أخرى في ديار الانتشار، نتيجة ليس فقط لذلك العمل الإرهابي المشؤوم، بل أيضاً لاستمرار بعض حملة الفكر الإرهابي والمحاولات الإرهابية، التي قاموا بها، منها مانجح وزاد في الكره للعرب والمسلمين، ومنها ما فشل وساهم في الحذر منهم، ابرياء كانوا أم لا. أما الكارثة الكبرى فكانت في احتلال العراق، وإن كان لهذا الاحتلال أسباب أخرى لا مجال للخوض بها الآ .

لايزال العرب والمسلمون يعانون تداعيات تلك الأعمال الإرهابية وسيستمرون في المعاناة لسنين طويلة. وهذه المعاناة لن تنتهي قبل انتهاء الأنظمة العربية الشمولية وحكامها الديكتاتوريين الذين ساعدوا على تقوية الأصوليات وبالتالي تنمية التعصب واستعمال كثيرين منهم في أعمال ارهابية، كما حدث في مخيم نهر البارد في شمال لبنان، ولاسيما أن الكل يعرف من كان وراء هؤلاء الإرهابيين، ومن افسح لهم المجال للعبور الى المخيم.

من هنا تبدو مسؤولية الأنظمة كبيرة في الوصول الى هذه الكارثة التي عشناها ولا نزال. أما المأساة الكبرى فهي في تحول العقل العربي بنسبة كبيرة نحوى التماهي مع الفكر الأصولي الغيبي وابتعاده عن واقع عالم اليوم وعدم قدرته على المشاركة في المسيرة الحضارية لهذا العالم.

من الإنصاف القول إن هذه الكوارث ليست مسؤولية الأنظمة فحسب، بل إن السياسات الغربية المنحازة دائما الى اسراذيل وتجاهلها للحقوق الفلسطينية المشروعة، وخصوصاً سياسات الولايات المتحدة المتعاقبة في هذا المجال ساعد دون ادنى شك على نمو تلك الأصوليات.

هنالك عاملان اساسان للقضاء على الإرهاب لا بد الأخذ بهما؛ الأول مساعدة الشعوب بصدق للتخلص من انظمتها القمعية والأخذ بيدها لتطوير ديموقراطيات تحترم حقوق الإنسان وكرامة المواطن وحقه في العيش بحرية، وارساء قيم العدالة والمساواة ووقف نهب ثروات الشعوب والإلتفات الى تنمية يشعر معها المواطن أن حقوقه محفوظة وكرامته مصانة.

العامل الثاني، فهو انتهاج سياسة صادقة من قبل الدول الكبرى نحو الشعب الفلسطيني ومساعدته على إقامة دولته وذلك بالضغط على اسرائيل لوقف تعدياتها على الفلسطينيين وأراضيهم، فمن غير المقبول أن لا يتمكن الفلسطينيون من العيش بكرامة وحرية في دولتهم وعلى ارضهم.

مآسي العالم العربي كثيرة، وهي لم تبداء في11 سبتمبر ولن تنتهي حتى تنتهي هذه الأنظمة المتخلفة. عندها فقط ربما يصبح العقل العربي قادراً على إعادة صياغة ذاته، عله يتمكن من الدخول في مسيرة العالم الحضارية لهذا القرن.

علي ناصر الدين.