- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ساركوزي وورقة التصويت «مع» فلسطين

باريس ــ بسّام الطيارة
لا يزال تصويت فرنسا إلى جانب قبول فلسطين في منظمة اليونسكو يثير عدداً من التساؤلات إن كان من حيث التحذيرات والضغوط التي سبقت يوم التصويت، أو من حيث مفاجأة الانتقال من «الامتناع إلى النعم». وحسب مصادر مقربة من المشاورات في عطلة نهاية الاسبوع، التي سبقت يوم التصويت، فإن «توافقاً كان قد تم بين الإليزيه والكي دورسيه على الذهاب نحو الامتناع». وذكر مصدر لـ «أخبار بووم»، شرط كتم هويته، أن فرنسا كانت مصممة على العمل كي تصب كل أصوات الاتحاد الأوروبي في صالح الامتناع، وعملت على هذا الأساس. ولهذا التوجه حسب المصدر سببان، الأول أن الرئيس نيكولا ساركوزي كان يريد في سياق خطاب واشنطن «تثمين موقف الاتحاد الأوروبي بوزن ٢٧ صوتاً»، وبالتالي العمل على أخذ دور لأوروبا في إحياء عملية المفاوضات المتوقفة حسب طروحاته الأخيرة، ثانياً لأن وزير الخارجية ألآن جوبيه نقل «أجواء وزارة الخارجية التي كانت تدفع نحو المزيد من الحزم مع تل أبيب». وأشار المصدر إلى أن بعض دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عمد إلى «بيع واشنطن» موقف الامتناع وكأنه يخضع لضغوطها، وأن باريس غضت الطرف عن هذا «الابتزاز المجاني» وصولاً إلى هدف «الإجماع الأوروبي». وبالطبع يتفق عدد من متابعي ملفات الشرق الأوسط على أن «مجرد انتقال ساركوزي من التفكير بالتصويت ضد للموافقة على الامتناع هو تطور» بالنسبة لمن يتبجج بأنه «صديق نتنياهو».

ويكشف المصدر المذكور بأن الذي دفع ساركوزي لقبول رأي الكي دورسيه بالتصويت لصالح الطلب الفلسطيني، بعدما تبين عدم إمكانية «بيع أميركا ٢٧ صوت امتناع» بسبب تشبث ألمانيا وهولندا بإلتزام رفض طلب فلسطين، هو «تراكم الإهانات التي بتعرض لها الدبلوماسيون الفرنسيون في الأراضي الفلسطينية»، رغم كل المحاباة التي يظهرها الإليزيه لتل أبيب. ويشير أحد الدبلوماسيين إلى «ملف خزانات المياه». ويروي كيف أن القنصلية الفرنسية في القدس كانت تريد بناء خزان مياه في مناطق «ج» من الضفة الغربية، إلا أن الحصول على تصاريح البناء يتطلب «ما بين خمس وعشر سنوات» وأن ٩٠ في المئة منها نصيبها الرفض. فأخذ قنصل فرنسا في القدس، فريديرك ديزانيو، على عاتقه البناء من دون تصريح «مثل ما يفعل الفلسطينيون». وما يصيب الفلسطينين أصاب الفرنسيين، فقد قامت سلطات الاحتلال بهدم الخزان. إلا أن القنصلية قررت في مطلع السنة إطلاق «حملة بناء من دون تصاريح ٢٠ خزانا»، على أمل أن ينجو عدد منها من التدمير.

بالطبع لم يستطع عنفوان ساركوزي إلا القبول بهذه الحجج، التي اصطفت إلى جانب تفرق الأصوات الأوروبية. إلا أن البعض يخشى أن يعتبر ساركوزي أنه «أدى قسطه للعلى» وبالتالي لن يتردد من التصويت ضد قرار انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة بحجة «كفى هذه السنة خضات». منافع هذين الموقفين في اليد اليسرى، فهو رابح لموقف تجاه الفلسطينين والجالية الإسلامية في فرنسا ودول الربيع العربي، أما باليد اليمنى فهو سوف يسمح لواشنطن بعدم استعمال الفيتو في مجلس الأمن، أما في الوسط بين اليدين فقد أرضى دبلوماسييه الذين يعانون الأمرين يومياً في فلسطين وعلى طرقات الضفة الغربية ومداخل غزة.