- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الانقلاب المضاد لرئيس الوزراء التونسي

هارولد هيمان
حزب «النهضة» التونسي يسعى لتحويل «ثورة الياسمين» إلى شبه ثورة إسلامية إيرانية. هكذا كانت ترى المعارضة قبل اغتيال شكري بلعيد. الميلشيات، الشرطة السرية والدستور الذي يحور إلى جانب حلف مؤقت مع عناصر ليبرالية، كل هذه العوامل مشابهة لأساليب رجال الدين في إيران. كان الديموقراطيون واليساريون وعدد ا بأس به من رجال النظام الماضي (ممن لم تتلوث أايديهم بالدم) يحاولون الوقوف في وجه النهضة بشكل أكثر جدية يوماً بعد يوم.
اغتيال بالعيد هو عمل ينم عن «مهنية» القاتل الذي صوب مسدس وأصاب بدقة شديدة. ذلك ليس بهجوم انتحاري. إذا القاتل لم يكن يبحث عن «مجزرة» كما هي عادة تنظيم القاعدة. ولكن وجب التذكير بأن العنف السياسي في تونس كان يتصاعد من مدة” أحد أعضاء «نداء تونس» ضرب حتى الموت في «تتوين» في تشرين الأول/أوكتوبر الماضي، ولقاء سياسي لنفس التنظيم تم فضه بالقوة في 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حدث هذا من دن أن تتدخل الشرطة.
حادثان يظهرا بشكل لا لبس فيه العنف السياسي، حصوصاً أن ميليشيا لـ«رابطة حماية الثورة» الموسومة الإسلامية التوجه، هي التي كانت وراء الأحداث. والشرطة لم تحرك ساكناً. وحزب النهضة لم يعترف يوماً بالروابط التي توجد بينه وبين الميليشيات والقتلى. يمكن القول إن هذه الرابطة تشكل نوعاً من «حرس الثورة» أو «باسدران» أو «الباسيج» (قوات التعبئة الشعبية)، هنا تكمن المقارنة المتوازية.
يمكن تشبيه اغتيال بالعيد بالطرق القديمة لجرائم ديكتاتوريات السبعينيات في القرن الماضي، وهذا الاغتيال فتح عيون كثيرين ف يتونس وفي الخارج: إن حزب النهضة رغم إنكاره الشديد يمكن أن يكون على علاقة «أدبية» بهذا الاغتيال الغبي. أو أن الحزب لا يولي جهداً لمنع مثل هذه الأعمال. رغم أنه من الصعب تصور عدم مشاركة مباشرة لأعضاء في الحزب بأعمال العنف الموصوفة. فالديكتاتوري الصاعد يلجأ إلى الاغتيال السياسي عندما يرى أن «أحداً يقف عقبة في وجه مساره» …لذا وجب إسكاته. فيتكفل رجاله بالباقي …من دون أوامر مباشرة ومكتوبة.
يوجد رجل واحد لم يوافق الروئ المتطرفة للعائدين من لندن وأولهم «راشد الغنوشي» وهو رئيس الوزراء حمادي جبالي الذي قضى ستة عشر سنة وراء القضبان، والذي يقال إنه «إسلامي لا يحبذ العنف» ولا الإكراه. قيل لي إنه لا يتفق كثيراً مع «اللندنيين». وها هو وبحركة ذكية يقلب الطاولة ويغير اتجاه الحركة السياسية 180 درجة ويسلم لتكنوقراط الوزارات ويدعو لانتخابات باكرة. وهو يبحث عن «إبعاد الشبهات عن حزبه» ولو حسر الانتخابات. هل يوافق «اللندنيون» على هذا التوجه؟ الأيام المقبلة تحمل الجواب.