- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لعبة إيران الملتبسة في سوريا (1/2)

 (حصريا بالاتفاق مع الفيغارو)

بينما يسلح الحرس الثوري النظام في دمشق، يقوم قسم أكثر واقعية في طهران بانتقاد القمع الذي يمارسه النظام السوري في حق المتظاهرين. ويقال إن عددا من الأطراف الإيرانية التقى مع مبعوثين أميركيين في محاولة «لثبيت ما بعد الأسد».

يقول حسن، وهو ناشط من دمشق، إنه كلما رن هاتفه المحمول يخاف أن تكون بداية الرقم الهاتف ٩٨ ويفسر «هذا يعني أن إيرانياً يحاول الاتصال بي، بالطبع علي أن لا أجيب البتة». لا يهم إن كان هذا نوع من التهديدات أم نوع من الترهيب، النتيجة هي ذاتها.

لم يعد سراً أن إيرانيين يقدمون خدمات كثيرة لنظام دمشق. في لقاء مع هيثم المالح في باريس يقول «لم ترسل طهران العديد من من العملاء إلى سوريا، إلا أنها أرسلت أخصائيين». ويحدد بأنهم من الباسيج هؤلاء الذين فعّلوا قمع المتظاهرين في إيران بعد التلاعب بالانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٩.

طهران ساعدت أيضاً الأجهزة السورية في حربها الإلكترونية ضد المنتفضين، كما أنها أرسلت عدداً من القناصة لوأد الثورة التي تتهدد النظام الوحيد الحليف لها في المنطقة.

لقد اعترضت إسرائيل مرتين أسلحة إيرانية مرسلة إلى سوريا، مرة عبر مطار ديار بكر ومرة في البحر. ويمكن هنا الربط بين وضع ثلاثة قياديين لحراس الثورة الإيرانيين على لائحة العقوبات الأوروبية بسبب مدهم دمشق بأسلحة، وهم علي جعفري ومساعدين له قاسم سليماني مسؤول وحدة القدس، وحسين الطيب المسؤول عن تنسيق الجهود في مطار دمشق.

إلا أن طهران بدأت تظهر بعض الضيق بسبب عجز السلطات السورية عن حل الأزمة وانتقل موقفها من وضعية الصامت عن مضض إلى وضعية المحرج وصولآً إلى وضعية المنتقد علناً. وقد أكد إيريك شوفاليه، سفير فرنسا في دمشق، في لقاء مغلق مع نواب لجنة الشؤون الخارجية، بأن «وضع طهران اليوم ملتبس». وأضاف شوفاليه، حسب قول نائبين حضرا الجلسة، «أن طهران أوحت لدمشق بعدم إطلاق النار في وضح النهار على المتظاهرين بل التنبه للمحركين والقبض عليهم بالليل».

ويبدو أن الإلتباس بات علنياً بعد أن تحرك الرئيس محمود أحمدي نجاد ووزير خارجيته علي أكبر صالحي لينتقدا علنا الاستعمال المفرط للقوة، مطالبين بشار الأسد بفتح حوار مع المتظاهرين. وفي نفس الوقت كان ممثلون لطهران يفتحون في الظل حواراً مع ممثلين للمعارضة السورية، علمانيين من باريس، وإسلاميين منتمين إلى الإخوان المسلمين في القاهرة. وكان الهدف الأولوي إنقاذ النظام عبر التفاوض. إلا أن البراغماتية فرضت أيضاً البحث عن خلف للأسد.

يقول أحد المقربين من وزير خارجية إيران «الحرس الثوري يدعو لدعم نظام الأسد أياً كانت النتائج، إلا أن حلقة أكثر واقعية مقربة من الرئيس الإيراني تدعو للإلتصاق بمسار التاريخ». ويقول هؤلاء «حتى في حال خسارتنا لنظام الأسد فإننا لن نجد محله بالضرورة نظاماً مناوئاً لنا، وخصوصاً أننا انفتحنا على مصر في الأشهر الأخيرة».

وتقول بعض المصادر في طهران أن آية الله علي خامنئي تدخل على خطين: الأول منع الدبلوماسيين الإيرانيين في أوروبا والدول العربية من التعليق على الشأن السوري، ومنع المقربين من أحمدي نجاد من التواصل في الشأن السوري مع أوساط الرئيسين السابقين محمد خاتمي وعلى أكبر رفسنجاني، الذين لهم «علاقات مع المعارضة السورية»، حسب قول أحد المعارضين السوريين.

Georges Malbrunot

تنشر أوراق تدوينة جورج مالبرونو في الفيغارو حصرياً مع «أخبار بووم» باللغة العربية