- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

انطلاق قطار التغيير

علي ناصر الدين

{أن يأتي الشيء متأخرا أفضل من أن لا يأتي أبدا} هذا المثل الفرنسي ينطبق كثيرا على الربيع العربي.
بعد سقوط جدار برلين وانهيار أنظمة المجموعة الإشتراكية، توقع الكثيرون أن تلقى الأنظمة الشمولية في كثير من بلدان العالم نفس المصير، ولا بد أن تجتاح حمى التغيير العالم العربي بشكل خاص نظراً لممارسة الكثير من انظمته شتى أنواع القهر والإستبداد.
تأخر الربيع واشتد القمع الى أن دقت ساعة التغيير واستفاقت الشعوب من سباتها فتهاوت أمامها أنظمة ظنت لحين أنها أبدية، من تونس الى مصر الى ليبيا مرورا باليمن وسوريا، حيث النظامان الأخيران يمارسان أقسى انواع القمع والوحشية، لا لشيء سوى أن تلك الشعوب طالبت بحريتها وتوفير لقمة عيش كريمة لها ولأولادها. ففي سوريا ومنذ أكثر من أربعين سنة والنظام يقمع ويسلب وينهب تحت شعار التوازن الاستراتيجي تارة ومواجهة العدو طوراً، والشعب السوري يدفع من دمه وعرقه وقوته استعدادا لتحرير ارضه المحتلة فإذا به يجد أن السلاح الذي ضحى بالكثير في سبيل امتلاكه استعدادا ليوم التحرير يوجه الى صدره بأمر من اولئك الذين ائتمنهم على حمايته.
نظامان لا يزالان يعاندان، سوريا واليمن. وهما يدركان أن حتمية سقوطهما آتية لا ريب فيها، ولكنهما يستشرسان في قمع شعبيهما ويحذران من أن البديل هو أصوليات اسلامية يعرف كل منهما أنها تثير حساسيات كثيرة ليس في الغرب فقط ولكن بين الأقليات الدينية والأتنية في العالم العربي.
ورغم الاعتقاد أن هذا التهويل مبالغ فيه، فإن ما حصل في مصر بين الجيش والأقباط وبروز الإخوان المسلمين كقوة سياسية أولى في مصر ونجاح حزب النهضة في تونس وتصريحات مصطفى عبد الجليل في ليبيا الذي وعد بدولة مدنية ديموقراطية يتساوى فيها الجميع في البداية انتهى بالتبشر بنظام يستمد قوانينه من الشريعة. والغى بذالك المكسب الوحيد الذى اهداه القذافي للشعب خلال مدة حكمه وهو المساواة بين الرجل والمرأة وعدم السماح بتعدد الزوجات وكأن هذا القانون هو أولويات الشعب الليبي البطل الذي قدم اعدادا لاتحصى من الشهداء، أما النهضة في تونس ورغم التصريحات المرنة فقد ارسلت بعض الإشارات عن تصلبها خصوصا في موضوع قناة تلفزيون نسمة. كل هذا يساعد الأنظمة التي لا تزال ترفض مطالب شعوبها بالرحيل أن تدعم حججها بضرورة بقائها مما يطيل أمد معاناة هذه الشعوب.
مهما حصل ومهما قيل فان قطار التغيير قد انطلق طال الوقت أم قصر. وعلى الشعوب التي تحررت أو تلك التي على طريق التغيير أن تعي أن مستقبلها اصبح بيدها وهي الوحيدة المسؤولة عن هذا المستقبل آخذة بعين الإعتبار متطلبات الدخول في العصر والمشاركة بفعالية في ابداعاته. انها الفرصة الأخيرة في اقامة أنظمة يتساوى فيها المواطنون أمام القانون ولا يتم ذلك إلا بإقامة دولة مدنية ديموقراطية حديثة. هذا لا يقلل من قيم الإسلام اطلاقا بل يبرز الوجه الآخر للمسلمين وهو الوجه الذي نحن بأمس الحاجة اليه كي لا نعطي اسرائيل الذريعة في تكريس يهودية الدولة وهذا ما تسعى اليه وتصر عليه حتى لايبقى أي حقوق لعربي فيها فإما التهويد وإما الرحيل.