- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مالي: انهار الجيش فانهارت الدولة

هارولد هيمان
من الصعب جداً فهم ماذا يريد العسكريون الماليون/ بعضهم يحارب بجدية لدفع الجهاديين نحو الشمال. والبعض الآخر ماذا يفعل؟ في الواقع إن الجيش المالي مخردق بشكل فاضح.
الزعامة في الجيش تلعب دوراً هاماً. فالسلطة السياسية هي بين أيدي بعض القوات العسكرية التي تخضع لزعيم.
الاشتباك بين «القبعات الحمر والقبعات الخضر» في باماكو في ٨ من هذا الشهر يظهر أن الصراع داخل مالي بدأ يأخذ ملامح انقلابات أميركا اللاتينية (أنظر إلى غواتيمالا). ولربما باتت هذه المحاكاة تنعكس على مجمل النظام السياسي المهترئ. ويمكن تلخيص الوضع كالآتي: فيلق في خدمة جنرال يطلق النار على فيلق آخر في خدمة جنرال آخر.
في أميركا اللاتينية كان الخوف من الماركسية والشيوعية ومطالب السكان الأصليين. ويلعب الطوارق هنا هذا الدور، فتطلعاتهم تحاكي تطلعات «أيمارا» (Aymara) في بوليفيا، أو الهنود «الشاباس» (Chiapas) في المكسيك. إن السكان الأصليين مسلحين. والجهاد بدأ بالوصول إلى المنطقة وهو شبيه بـ«فيروس بسيكوسياسي» يمكنه أن يصب الزيت على الأزمة، ويرافق الثورة … أو يستوعبها، فتصبح المسألة مسألة سكان أصليين يلجأون للجهاد من أجل حقوقهم.
رغم هذا تتابع القعات الخضر والحمر حربها الذاتية من دون أن ندرك السبب… هم أنفسهم لا يدركون السبب. وفي الواقع فهم لا يسعون لتفسير ذلك لا للصحافة الموجودة في باماكو ولا لأي من أصدقاءهم. زملاء لنا في «بي إف إم» (BFMTV) تمت مصادرة معداتهم لأنهم صوروا هذه المعركة.
القبعات الحمر هم صنيعة الرئيس السابق «أمادو توماني توريه» الذي أطاح به انقلاب قام به زعيم القبعات الخضر «الكابتن ساناغو». لا تبحثوا عن الأسباب الإيديولوجية فهي ليست موجودة توجد أسباب اجتماعية وتجارية وإثنية.
القبعات الحمر كانت تحارب الجهاديين في الشمال في جبال «إفوغاس» (Ifoghas) إلى أن قامت القبعات الخضر بالانقلاب على الرئيس فعادت القبعات الحمر أدراجها لتترك المجال مفتوحاً أمام الجهاديين لاحتلال الشمال. بينما بقت قوات القبعات الخضر ساكنة. لولا تدخل القوات الفرنسية لباتت كل أراضي مالي والساحل في أيدي الجهاديين.
يبرز هذا نقص التضامن الاجتماعي والمدني في البلاد. ويسلط الضوء على الانفصام الحاصل في البلاد بين الشمال والجنوب.
الطوارق باتوا يعلنوا على الملأ رغبتهم بالانفصال والابتعاد عن صراع الزعماء في الجنوب. إلا أن الطوارق باتوا ليوم منقسمون: بعضهم يسعى لجمهورية علمانية والبعض الآخر لـ… جمهورية إسلامية، وأقلية تريد البقاء في مالي العلماني. وبين هذا وذاك يعيش المهربون وتجار المخدرات، ويتزعم هذه الانقسامات زعماء …مثلما هو الحال في الجنوب.