- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا : سياسيا در

نجاة شرف الدين

على الرغم من تواصل المعارك العسكرية في معظم المناطق السورية ما بين جيش النظام والجيش السوري الحر ، وعلى الرغم من سقوط عشرات القتلى يوميا وتزايد مساحات الدمار ، إلا أن معظم التحاليل والقراءات السياسية لما يجري في سوريا ، والمبنية على رؤية التطورات ميدانيا ومتابعة الاتصالات السياسية  والمواقف الدولية ، تتجه نحو الإقرار بأن لا مجال لتجاوز التسوية السياسية .
الإعلام الغربي والعربي ، عاد للحديث عن إمكانية إيجاد خرق ما عبر مهمة المبعوث العربي والأممية الأخضر الإبراهيمي ، لا سيما في ضؤ الكلام الذي أطلقه رئيس الإئتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب ، عن إستعداده للحوار مع النظام من دون إشتراط تنحي الرئيس السوري بشار الأسد ، ولو أنه طلب الحوار مع شخصية  شبيهة بنائب الرئيس فاروق  الشرع ، وهو أضاف : “أنه لا مانع لديه من استمرار السعي من أجل منع سوريا من الدمار”، مشدداً على أن “المبادرة التفاوضية التي تقدم بها ليست ضعفاً بل هي من باب مد اليد لرفع المعاناة عن الشعب السوري”، ومجدداً رفضه “التدخل الخارجي عندما يكون النظام عاقلاً”.
هذا الكلام تلقفته روسيا ، التي إلتقى وزير خارجيتها سيرغي لافروف ، الخطيب ،مرحباً بمبادرته الحوارية  ودعاه لزيارة موسكو . أميركا بدورها رحبت بالحوار وهي تبعت ذلك ، بموقف رفض تسليح المعارضة السورية ، وهو ما فسر على أنه مراهنة على التسوية ، وهكذا فعلت أوروبا خاصة في ظل إنشغال فرنسا بحربها الإفريقية في مالي ، أما عربيا فرحبت الجامعة العربية بمبادرة الخطيب ، وبقي الموقف التركي على حاله برفضه للحوار مع النظام.
هذه المواقف ، تزامنت مع تصاعد التوتر في مصر بين المعارضة والرئيس المصري محمد مرسي والإخوان المسلمين ، وتبعها حالة الغضب الشعبي  التي سادت  في تونس في ضوء عملية إغتيال  المعارض اليساري شكري بلعيد ، والتي شكلت بدورها محطة لدى العديد من المراقبين الذي كانوا داعمين للثورات العربية ، ليعيدوا قراءة ما يجري ، وهو ما إستفاد أيضا منه النظام السوري ، للقول بأن المجهول هو البديل وبالتالي جعل المترددين يعيدون أيضا في قراءة مواقفهم .
لبنانيا، تراجع الخبر السوري لصالح الخبر الإنتخابي ، كما بدا واضحا تراجع المواقف التصعيدية السياسية اليومية باتجاه سوريا من خلال الإستدارة نحو مواقف إنتخابية أو عرسالية أو غيرها من الملفات ،  ويبدو  أن العديد من الأطراف بدأ يعيد حساباته ، لتتوافق مع إطالة الأزمة في سوريا ، وهو ما عبر عنه رئيس جبهة النضال النائب وليد جنبلاط من خلال دعوته دائماً لإبعاد لبنان عن تداعيات ما يحصل في سوريا ، ويضيف إنتقادا حادا لمن أساء لزيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى دمشق ومشاركته في قداس تنصيب البطريرك اليازجي .

كل هذه التطورات الدولية والعربية والمحلية ، توحي بأن الحديث عن حسم عسكري في سوريا ، تراجع لصالح الحسم السياسي ، وهو بالدرجة الأولى نتيجة عجز أي فريق عن تحقيق إنتصار على الفريق الآخر . من هنا ، فإن سوريا تتجه في إستدارتها من العسكر الى السياسة ، صحيح أن التسوية تحتاج الى الوقت ولن يتحقق غداً ، ولكن يبدو أن الجميع بات مقتنعا بأن الحل سيكون سياسيا در ، ولو بعد حين …