- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لعبة إيران الملتبسة في سوريا (2‪/‬2)

إن مسألة دعم سوريا ليست المسألة الوحيد المسببة للسجال في السياسة الخارجية الإيرانية. ففي الأشهر القليلة الماضية كانت مسألة الحرب في ليبيا موضوع تجاذب بين مؤيدي أحمدي نجاد وبين المرجع الأعلى المدعوم من الحرس الثوري (الباسدران).
فحسب مصادر مخابراتية صادرة عن الأجهزة الغربية تناقلتها بعض الوسائل الإعلامية فإن علي خامنئي طلب من سرايا القدس دعم العقيد القذافي في حربه مع الحلف الأطلسي، رغم معارضة أحمدي نجاد ذلك.
وقد حصل نقل أسلحة عبر السودان والجزائر، كما أن مسؤولين من الباسدران عاونوا النظام الليبي في حربه الإلكترونية ومراقبة الاتصالات. وحسب تقرير وضعته لجنة الشؤون الخارجية الفرنسية، بعد الاستماع إلى مئات الخبراء، فإن هدف هذه المساعدة كان «إطالة الحرب وتحويل الأنظار عن القمع في سوريا». واستباقاً لسقوط النظام الليبي، فإن الباسدران تلقى أمراً بمغادرة البلاد والعودة إلى السودان وسوريا.
إذا الهدف هو حماية سوريا، إلا أن «عدداً من المسؤولين الإيرانيين يمكنهم التأقلم مع حكومة جديدة في سوريا، لا بل مع تغيير لرأس النظام»، حسب تعبير أحد الدبلوماسيين الفرنسيين. ويتابع بأن الجمهورية الإسلامية تسعى فقط لتجنب فكفكة سوريا واندلاع حرب أهلية يمكنها أن تمتد لتطال الأقليات السنية والكردية المناوئة للنظام في طهران.
وتفسر هذه الواقعية السياسية لقائين سريين تما في شهري آب وأيلول (أغسطس وسبتمبر) بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين، حسب ما نقل لنا معارض سوري في الخارج. وحسب المصدر هذا فإن الحديث دار حول «إنشاء مجلس عسكري مماثل للمجلس العسكري الذي يحكم مصر يحدد جنرالاته الخطوط الكبرى للاستراتيجيات المهمة».
ويبدو أن هدف الإيرانيين هو الاستقرار بعد ذهاب الأسد، بينما يطلب الأميركيون عدم عرقلة انسحاب الـ ٤٠ ألف جندي أميركي قبل نهاية كانون الأول/ديسمبر، وأن تغيّر سوريا سياستها على الصعيد الإقليمي بوقف دعمها للمنظات الإرهابية مثل حماس. وقد توقفت هذه الاتصالات قبل بدء الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وقد وصف إيريك شوفاليه، السفير الفرنسي في سوريا، إيران أمام لجنة الشؤون الخارجية وكأنها «صديق الأيام الصعبة، الذي تبدو دمشق مضطرة لأخذ رأيه». ويتابع بأن هذه العلاقة «مخالفة للطبيعة»، ويذكر بأن «المفاعل النووي الذي ضربته إسرائيل عام ٢٠٠٧ بني بالتعاون مع الكوريين وليس الإيرانيين.»، وذلك للتشديد على أنه العلاقة شبيهة بـ«زواج المصالح» وأن إيران هي «الطرف الأقوى».
في الواقع فإن العلاقة بين البلدين هي علاقة مصالح، إيران بحاجة لسوريا لتكون «قوة متوسطية» عبر حزب الله، بينما تستعمل سوريا علاقتها مع إيران كبديل عن العداوة التي يظهرها لها عدد من الدول العربية.
وقد نشط الشريكان تعاونهما في السنوات الأخيرة رداً على الأخطار المحدقة بهما. وبالتالي فإن سوريا باتت تصنع صواريج باليستية إم ٦٠٠ التي يصل مداها إلى ٢٥٠ كلم، بفضل التكنولوجيا الإيرانية. وفي حال تفاقم الوضع فإن إعادة هذه الصواريخ إلي إيران يمكن أن يزيد التباعد بينهما، أضف إلى أنه منذ اغتيال الزعيم العسكري لحزب الله عماد مغنية عام ٢٠٠٨ فإن الارتياب يصبغ العلاقة بين البلدين. ويبدو أن اغتياله تم على يد الموساد الاسرائيلي مع تعاون محلي، إذ أن مغنية بات يتصرف بحرية زائدة ما كان يسبب إزعاجاً للسوريين، مثلما كان الأمر مع «محمد حسن أختاري» السفير السابق في دمشق، الذي عاد إلى طهران لينضم إلى فريق خامنئي رغم معارضة أحمدي نجاد.
إلا أنه رغم هذه التبايانات في رأس هرم النظام الإيراني فإن إيران ما زالت بعيدة عن ترك سوريا، وخصوصاً أن أحمدي نجاد قد ضعف ويواجه عدداً من الألغام التي يزرعها تحت أقدامه خامنئي  وفريق المحافظين.

Georges Malbrunot