- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“حزب الله” و ” المستقبل ” : المبارزة

نجاة شرف الدين

لم تكن الذكرى الثامنة لإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتمر بهدوء ومن دون سجالات في ظل الظروف المتوترة التي يعيشها لبنان ، على خلفيات متعددة في ملفات داخلية تبدأ بقانون الإنتخاب ولا تنتهي بالسلاح ، إضافة الى الخلافات المتعلقة  في ملفات خارجية تبدأ بسوريا ولا تنتهي بالبحرين وبلغاريا  . هذه الخلافات ليست وليدة اللحظة ، إلا أن السجال بين طرفي الصراع ، أي ” حزب الله ” وتيار ” المستقبل ” تصاعد في الأسابيع الأخيرة ليصل الى إستخدام ” الأسلحة الثقيلة ” في المعركة والأوراق التي كانت حتى الأمس القريب ” من المحرمات ” .

تصاعد التوتر بين الحزب والتيار بدأ على خلفية إنشاء المحكمة الدولية وما تبعها من إعتصام في وسط بيروت ، وبلغ ذروته عندما دخل حزب الله الى بيروت في ما بات يعرف بأحداث السابع من أيار ، والذي خلف جرحا كان من الصعب مداواته حتى بإتفاق الدوحة ، والذي ذهب مع الريح أيضا ، بعدما إستقالت الحكومة أثناء زيارة الرئيس سعد الحريري الى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما ، ليخرج رئيساً لحكومة تصريف الأعمال، ما زاد من الشرخ الموجود أصلا بين حزب الله والمستقبل ، والذي عمقه أيضا توجيه المحكمة الدولية الإتهام لأربعة من المشتبه  بقيامهم بتنفيذ عملية إغتيال الرئيس الحريري ، وهم ينتمون لحزب الله ، ورد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حينها ، بأنه لن يتم تسليمهم ولو بعد مئة عام .
حدة الإنقسام السياسي لم تقف عند هذا الحد ، بل زاد من وتيرتها الملف السوري على خلفية دعم حزب الله للنظام في سوريا وتكرار السيد نصر الله في خطاباته لهذا الدعم ، في مقابل الهجوم السياسي على النظام السوري من قبل تيار المستقبل ، ودعم المعارضة السورية وتقديم المساعدات لها ، وتكليف النائب عقاب صقر بالاتصالات مع المعارضة ، وإتهامه من قبل حزب الله وحلفاءه ، بأنه يقدم المساعدات العسكرية واللوجستية  للمعارضين ، وليس فقط المساعدة الإنسانية . المستقبل من جانبه يتهم الحزب بالقتال الى جانب النظام السوري وبسقوط العديد من عناصره على الأرض السورية ، وهو ما حصل بالفعل في الأيام الأخيرة في منطقة القصير على الحدود السورية اللبنانية ، وهو ما برره الحزب بدفاع الأهالي في المنطقة ، والمنتمين الى حزب الله عن وجودهم.
الهجوم السياسي بين حزب الله والمستقبل ، برزت حدته مؤخراً مع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية ، وتصعيد وتيرة الخطاب السياسي بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله ، فبعد المواقف التي أطلقها الحريري في مقابلة تلفزيونية ، وسجل خلالها موقفا متقدما بالموافقة على الزواج المدني الإختياري ، وتبعها في الرابع عشر من شباط في ذكرى إغتيال والده ، والتي حمل فيها على الحزب بشدة وعلى السلاح ، جاء الرد من السيد نصر الله ، بالحديث عن إلتزامات الرئيس رفيق الحريري وموقفه من المقاومة ، وإلتزام سعد الحريري أيضا في مرحلة ما بعد الدوحة ، بسلاح المقاومة ، ليأتي الرد سريعا بأن من يحمي المتهمين باغتيال الحريري لا يحق له التحدث عن تاريخه .
هذا السجال إستدعى اللجوء الى صديق ، وهو مستشار الرئيسين رفيق وسعد الحريري سابقا ،مصطفى ناصر ،  ليقدم عرضه عن ما قيل خلال اللقاءات التي كانت تعقد أيام الرئيس رفيق الحريري وحضوره وكذلك مع الرئيس سعد الحريري ، ليدعم كلام السيد نصر الله ، فكان الرد أيضا سريعا وقاسيا على لسان النائب أحمد فتفت ، الذي إعتبر أن  ناصر ” جاسوس اخترق فريق مستشاري الرئيسين رفيق وسعد الحريري، وبالتالي فان كل ما قاله يفتقد إلى أي مصداقية”  .
يبدو أن هذه المبارزة التي إستعرت لن تهدأ في وقت قريب ، خاصة أن مسبباتها لا تزال قائمة ، من الداخل  وسوريا وصولا الى قرب بدء المحاكمات في المحكمة الدولية  ، وبعد كل ما قيل وسيقال في المرحلة المقبلة بين الطرفين ، هل يمكن أن يعود الطرفان الى طاولة الحوار ، ولو بتدخل من الراعي الأكبر ، السعودية وإيران ، أم أن الوقت لم يحن بعد لإبعاد شبح الفتنة السنية الشيعية ، التي تبدأ في العراق ولا تنتهي في لبنان ؟