- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فلسطين تغيّر وجه المنطقة

حسام كنفاني

كان تصريح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، لافتاً، حين قال لهيئة الإذاعة البريطانيةبي بي سيإن السلطة في صدد اتخاذ قرارسيغيّر وجه المنطقة“. الكلام كبير والسقف عالٍ بالنسبة إلى السلطة الفلسطنية الغارقة حالياً في حصار مالي، والواقعة في خضم حرب دبلوماسية تقودها الولايات المتحدة. غير أن الكلام ليس اعتباطياً في مجمله، فمنه ما قد يكون حقيقياً إلى حد كبير في حال قررت السلطة خوض المواجهة إلى النهاية.

كلام أبو ردينة يأتي بعد سلسلة من التلميحات الفلسطينية إلىخيارات بديلةفي حال فشل المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة. الفشل بات قاب قوسين أو أدنى، بعدما حسمت فرنسا وبريطانيا قرارهما لجهة الامتناع عن التصويت لصالح طلب الدولة الفلسطينية، وهو قرار كانت سبقتهما إليه كل من البوسنة والهرسك وكولومبيا، فيما تحدثت أنباء شبه مؤكدة عن أن الغابون ستحذو حذو هذه الدول. وإذا ما أضيفت هذه الدول الخمس إلى الولايات المتحدة وألمانيا، اللتين تجاهران برفضهما لطلب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، يكون الطلب قد فشل في الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة، بغض النظر عن القرار الذي ستتخذه نيجيريا، سواء بالتصويت مع أو ضد او الامتناع.

مسار الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن بات واضحاً، ومن غير المجدي أن ينتظر الفلسطينيون تاريخ الحادي عشر من الشهر الجاري لحسم مصير القرار الأممي، ومن الأفضل البدء من اليوم البحث في الخيارات البديلة، سواء غيّرت وجه المنطقة أم لم تغيّرها، رغم أن السلطة قادرة على اتخاذ قرار على درجة كبيرة من الأهمية والتأثير في مسار الحركة السياسية في المنطقة.

هو قرار واحد لا بديل عنه في حال كانت السلطة تريد فعلياً ترجمة حال الإحباط الذي يعتري الفلسطينيين منذ سنوات. قرار لا حاجة للبحث عن غيره، لا استقالة أبو مازن ولا إجراء انتخابات ولا تطبيق المصالحة كاملة، من شأنه أن يحمل التأثير اللازم لإظهار اليأس الفلسطيني

حلّ السلطة وحده قادر على تفجير اللغم الذي يخشاه الجميع في المنطقة، وربما العالم. تفكيك الكيان الناشئ عن اتفاقات أوسلو في العام 1993 من شأنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والعودة بالقضية الفلسطينية إلى النقطة صفر، حين كان الفلسطينيون قادرين على لفت أنظار العالم، الذي كان يسعى جاهداً إلى إيجاد حلّ، ولو مرحلي، لقضيتهم. اليوم لم تعد الأمور على هذا الحال، فالدول المؤثرة تعتبر أنهاأدت قسطها إلى العلىحين ساهمت في إنشاء هذا الكيان في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعتقد أن بإمكانه العيش في المحيط الاستيطاني والاحتلالي. لوهلة نسي العالم حقيقة أن هناك احتلالاً مسيطراً على الأرض منذ 63 عاماً، ودخلت القضية في زواريب التفاصيل المقيتة، فبات تحويل الأموال ورفع الحصار ووقف الاستيطان والعودة للتفاوض هو القضية، في حين أن القضية الأساس لم تحلّ بعد، وهي ان الأراضي الفلسطينية محتلة.

حلّ السلطة سيعيد تسليط الأضواء على القضيّة بشكلها الأساسي، وحينها سيتغير وجه المنطقة، التي عاشت عقوداً على وقع أن فلسطين هي القضية المركزية، وربما حان الوقت لتعود كذلك، لكن المشكلة ستبقى في حكّام المنطقة الذين سيقفون في وجه مثل هذا التوجّه.