- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

دماء على أيدي العرب

 حسام كنفاني

من اليمن إلى سوريا، إنه السيناريو نفسه يتكرّر. المبادرة العربية التي جرى الاتفاق عليها لحلالأزمة السوريةهي نسخة موسعة عن ما تم اختباره وفشل في اليمن، ومن المرتقب ان يفشل في دمشق أيضاً. النجاح الوحيد الذي سيحققه هو إعطاء مهلة جديدة للقتل والحسم العسكري للقضاء على الثورة أو الانتفاضة في سوريا.

هذا ما حدث في اليمن بعد إعلان المبادرة الخليجية لتنحي الرئيس علي عبد الله صالح، الذي أعلن قبوله للمبادرة، لكن من دون ان يوقف آلة القتل التي أطلقها ضد ساحات صنعاء وتعز. ويمكن القول إن من قتل بعد المبادرة هو عدد ماثل، إن لم يكن أكبر، لمن قتل في أعقابها، في وقت لا يوفر صالح فرصة للماطلة واللف والدوران على رغبة الشارع بالدرجة الأولى، وما يبدو انه رغبة خليجية. فهذه الرغبة ليست مطلقة، وإن كانت دول الخليج مجتمعة هي من اطلقت دعوة صالح للتنحي، إذ تبقى السعودية العنصر الأبرز المؤثّر على الساحة اليمنية، ورغبتها لو كانت حقيقية ما كان صالح ليردها، وهي التي استضافت علاجه ورعت عودته، وفبركت قصصخداعهافي طريقة رجوعه إلى اليمن.

اليمن كانت، ولا تزال، ساحة فاشلة لاختبار الحلول العربية. وها هي سوريا تتحوّل إلى ساحة ثانية ستسير على نفس الهدي اليمني، رغم السقف المتدني للمبادرة العربية قياساً لما نصت عليه المبادرة الخليحية في اليمن. منذ اليوم الأول للإعلان عن نيّة العرب إطلاق صيغة حلّ في سوريا، كانت المهل تسير واحدة تلو الأخرى، في البداية كانت 15 يوماً، ثم مددت 15 يوماً أخرى، وحالياً ها هي المبادرة، بعد الموافقة السورية عليها، تتضمن 15 يوماً إضافياً للتمهيد للحوار. مهل امتدت، وتمتد، على مدى شهر ونصف الشهر، أعطاها العرب للسلطات السورية لمحاولة حسم الثورة عسكرياً، والوقت لم ينته بعد. مباشرة بعد الموافقة السورية ها هم عشرات القتلى يسقطون في ساحات حمص وإدلب ودير الزور وريف دمشق، والتبرير السوري جاهزإنهم العصابات المسلحة“.

وإذا كان علي عبد الله صالح نجح في المماطلة لأكثر من أربعة أشهر، فإن النظام السوري اقدر على هذه اللعبة، طالما أن إعلامه متمسّك برواية المسلحين، وبالتالي فإن أي قتل سيحدث على الأراضي السورية سيكون في ذمة هؤلاء المسلحين، وهو ما تروّج له السلطة لتبرير القتلى خلال الأيام القليلة الماضية. وحتى في حال دخول الإعلام العربي والغربي وتعرضه لاعتداءات، فالرواية نفسها ستكون جاهزة، فكيف ستتعاطى معه الجامعة العربية؟

نقطة أخرى خاصة بالحوار المدرج في المبادرة العربية ستكون على جدول المماطلة، ولا سيما أن العنوان العام للحوار يعطي السلطة في دمشق فرصة تلو الأخرى لمتابعة سياستها، فلا أفق لهذا الحوار ولا عناوين عامة لبنوده. على ماذا سيكون الحوار، على نقل السلطة أم على الإصلاح أم وقف إطلاق النار؟ لا شيء واضحاً.

المبادرة العربية جاهزة للفشل، لكنها ستأخذ وقتها للمجاهرة بذلك. وقت يسمح للنظام بمواصلة حربه، قبل ان تعود الأزمة مجدّداً إلى مربع التدويل، تماماً كما هو السيناريو اليمني، الذي لم تظهر انفراجات حلّه إلا في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن