
المنظر من صالة العهد جميل جداً…
باريس – برس نت
من المعروف أن الغرب يعشق أسرار الشرق وقد بنى فلسفة الاستشراق على «عدم فهم الشرق وبالتالي تفسيره كما يحلو له» حسب ما شرح لنا طيب الذكر العالم إدوار سعيد.
ولكن في المقابل فإن الشرق، خصوصاً عالمنا العربي، صعب عليه جداً فهم هذا الغرب الغريب.
هلل الغرب لـ«الربيع العربي» ووصفه بأحلى الأوصاف وكتب عن «شباب العرب الذين هزّوا الأنظمة الهرمة وقاموا بالثورة». ولمكافأة شباب العرب تم تعيين الوزير الفرنسي السابق الاشتراكي جاك لانغ (٧٤ عاماً فقط لاغير) رئيسا لمعهد العالم العربي في باريس ليواكب ثورة الشباب العربي وليحمل طموحهم.
وبالطبع ملاحظة مهمة «تم تعينه “بالإجماع”» وهذه ليست مزحة بل هكذا وردت في بيان وكالات الأنباء ونقلتة قناة «فرانس ٢٤» التابعة لدائرة الإعلام الرسمي للدولة الفرنسية. (-) نقلاً عن بيان للمعهد الذي يعد من أكبر المؤسسات الثقافة العربية في فرنسا كما تقول وزارة الخارجية الفرنسية.
قلنا من الصعب جداً أن يفهم العالم العربي الغرب بشكل عام والآن بات أصعب عليه فهم ما يريدة الرئيس الشاب للمعهد الذي أوكلت له مهمة «تجديد شبابه».
فالرئيس الشاب يرى الجغرافيا بشكل مطاطي من منظور صعب جداً على العرب ولو أن الإدريسي (رحمه الله) كان بيننا لنتف شعر رأسه وعفّ عن دراسة الجغرافيا.
ماذا فعل الشاب جاك لانغ؟ أول نشاط له في المعهد كان دعوة وزيرة الثقافة … التايوانية تيمناً بالحديث الشريف «اطلبوا العلم ولو فى الصين»!
ومن المعروف عن جاك لانغ الشاب أنه يحب الحفلات والسهرات وقد «انتبهت» مجلة «لوبوان» (Le Point) الاسبوعية إلى هذا الحدث ولم يتعجب كاتب التعليق بل اكتفى بالقول «كما نعرف الوزير السابق الذي يحب الحفلات فقد بدأ ولايته بحفلة… وعنونت لمجلة المقال «لانغ يرى تايوان دولة عربية».
بالطبع لا نلوم الوزيرة التايوانية «لونغ ينغ تاي» ( Lung Ying-tai) على قبول الدعوة فموقع المعهد من أجمل مواقع باريس ومطل على نهر «السين» ويبدو أن «الولائم تحمل أفضل أنواع الطعام العربي-اللبناني». وقد «سَهّلَ» الوزير المحنك مسألة القبول واستعد للانتقادات فأرسل إلى المدعوين «من أصدقاءه» رسالة (أنظر الصورة أدناه) حيث «حشر» في داخلها بضع كلمات مثل «التطرق لمشروع الكنوز العربية في الصين». وبالطبع تم استبعاد الصحافة العربية وتم دعوة بعض الصحافيين الفرنسيين إذ أن الرئيس الشاب لا ينسى أنه «سقط في الانتخابات النيابية الأخيرة» وعليه أن يلمع صورته أمام المواطنين الفرنسيين …بينما مواطني الدول العربية لا يصوتون في فرنسا…حتى الآن. كما أن الصحافيين العرب يمكنهم أن ينقلوا إلى العالم العربي «خبر الوليمة الفخمة» التي أقامها من «بُرِرَ» تعينه بأنه جاء لضبط النفقات.
هذا ليس أول رفيق اشتراكي «يعينه بالإجماع» الاشتراكيون منذ وصلوا إلى الحكم، فلائحة الأصدقاء تطول يوماً بعد يوم. وفي هذاالصدد كانت سيغولين رويال (الاشتراكية والمرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية والساقطة في الانتخابات النيابية الأخيرة -مثل لانغ- وأم أولاد رئيس الجمهورية فرانسوا هولاند) مرشحة لهذا المركز، قبل أن يكتشف خبراء العالم العربي لدى الاشتراكيين أن جاك لانغ يفقه بالأمور العربية أكثر من سيغولين رويال، فعينت هذه الأخيرة نائبة رئيس المصرف الاستثمار الشعبي…
ولكن هذه المعاملة لمعهد العالم العربي، التي لا يفهمها العرب، لا تقتصر على الاشتراكيين، فقبلهم «عين بالإجماع أيضاً» رؤساء للمعهد تزيد أعماهم عن عمر الرئيس الشاب جاك لانغ. وبات يشار إلى هذا المركز بأنه «مقبرة الفيلة».
بانتظار الوليمة التالية …صحتين يا عرب.