- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مخاطر لبنان مضاعفة ١٩ مرة

بسّام الطيارة
نقطة على السطر
ما زال البعض يستعمل تعبير «الربيع العربي» فيما البعض الآخر يضحك على هذه التسمية ويتسلى بها. لقد ساهم هذا «آلربيع» بإخراج الدين والتدين من القمقم ورمى في وجه الشارع العربي ضعف هيكيلية الدول التي يعيش داخل حدودها… أي كان الحاكم. صعف سببه إقحام الدين في الحياة المدنية.
في مصر في تونس في ليبيا برز واضحاً خلحلة الدولة التي استلمها الإخوان والإسلاميين. في اليمن رغم «تبديل شبه سلمي» للحكم إلا أن الروابط القبلية المغمسة بحساء إسلامي متشدد سلط الأضواء على «وحدة» بنيت من دون أساسات صلبة. في البحرين رغم وجود قوانين «كوبي أند بيست» عن القوانين البريطانية إلا أن النظام يعجز عن تطبيقها في حماية الأفراد وحريتهم ما ينبئ بنهاية ثورية تزيد الشرخ المذهبي القائم في البلاد. في سوريا قامت ثورة كان يمكن اعتبارها من أعظم الثورات التي شهدتها الدول العربية في المئة سنة المنصرمة. ولكن ما أن لامست الدين والتدين حتى دخلت في صف حرب ميليشيات ونزعت عن الثورة وجهها الإنساني.

تدرك بقية الأنظمة في الدول العربية الأخرى أن «ما في الوعاء» الجالسين عليه هو في طور الغليان وأنه قاب قوسين أو أدنى من الانفجار.
في لبنان (كالعادة) فإن الأمور تختلف قليلاً (أو هكذا يعتقد العديد من اللبنانيين) ولكن في اتجاه أكثر خطراً على الكيان (وهو ما لا يراه العديد من اللبنانيين)، السبب أن لبنان مختلف، وهو يقارب نوعاً ما الوضع في سوريا في تنوع نسيجه.
وتنوع النسيج في لبنان يعني قبل شيء عدم وجود قمقم واحد لخروج عفريت الدين والتدين بل ١٨ قمقم (يقول البعض ١٩ والله أعلم).
يثبت هذا إن لزم الأمر على أن «لبنان عربي الهوية والانتماء»  ولكنه يثبت أكثر أنه مثله مثل العرب الآخرين يعيش نفس الهواجس مع مخاطر مضاعفة ١٩ مرة.
في لبنان يوجد تنوع طائفي ولكن لا يوجد نفور طائفي بين أبناءه. فقط  الدكاين السياسية والطواقم السياسية تعيش على «تناقضات الطوائف» لتحصين حصصها وتأمين توريثها.
ولكنهم لا ينظرون إلى نتئج أفعالهم.

لننظر ملياً (لنكن صريحين ولنشَخّص العلة بكل وضوح) ماذا يوجد في لبنان (من الجنوب إلى الشمال):
إسرائيل على الحدود ويواجهها حزب الله وقوات اليونفيل بينهما وإن كانت غير نافعةو وفي ظهر الجميع السلفيين.
يؤجج الجنوب شهية السلفيين، إذ أن في هذا الجنوب اللبناني كل «ما يحلم بمواجهته السلفي» للجهاد: فيه إسرائيل (صراع قومي) فيه يهود (صراع ديني)، فيه شيعة (صراع مذهبي) فيه قوات أجنبية (صراع مع الغرب) …
في الجنوب تداخل بين الطوائف الثلاث الكبرى ووجود لطائفة الدرزية.
في الجنوب توجد مدينة صيدا التي بدأت ناصرية قبل عقود وباتت اليوم «أسيرية»  بعد أن مرت في فترة «حريرية».
وفي الجنوب مخيمات للفلسطينيين وأشهرهم مخيم «عين الحلوة» الذي تحول إلى «سلفي لاند».
في بيروت الجميع يراقب المناطق الأخرى وللجميع مكاتب … حتى الدولة لها مكاتب في بيروت ولها أيضاً وزارات.

في الجبل نزاعات بين القوى المسيحية وتوافق على مسيحيتهم تحت تسمية «أورثوذكسية»…حتى ميشال المر رغم نزع «عرب الفاعور» (الذين جنسهم بالجملة) من سلة منتخبيه فهو موافق على القانون.
في الشمال…شمالان: شمال سلفي سيعلن عن إمارة في طرابلس وشمال مسلم ضائع بين القوى السياسية التي تتناتشه بعد ابتعاده عن مغناطيسية سوريا بسبب الثورة.
في الشمال أيضاً باب سوريا وهو «ذهاباً إياباً» للجيش السوري الحر وإياباً فقط للاجئين السوريين.
في شمال الشمال توجد عكار والحدود السورية والعلوي بينهما عندما يخرج من تخوم طرابلس.
أما البقاع فقد بات فيه ما يشتهي حزب الله: فيه «حدود مع سوريا». فيه جيش سوري حر. فيه سلفيون وجبهة النصرة. فيه تهريب…وفي فيه مسبحة من القى الشيعية البعيدة عن بعلبك.
هنيئاً لمن له مرقد عنزة في لبنان.