- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سعد الحريري يعود… افتراضيّاً

إميلي حصروتي ليلة عيد الاضحى وبسلاسة يُحسد عليها، عاد سعد الحريري إلى بيروت أخيراً. وصل إليها مسترخياً ومرحاً ومتحمسا ليبدأ ورشة النهوض بلبنان كما يشتهيه من دون إملاءات حلفائه وأخصامه. عاد وفي ذهنه تصوّر كامل للفترة القادمة وفي جعبته أجوبة لأسئلة صعبة وأخرى بسيطة. عاد بأمل اكتساب الأكثرية النيابية مستقبلا، والأهم أنه وعد أنصاره بأنه لن يسمي الرئيس نبيه برّي مرّة أخرى لسدّة رئاسة البرلمان. رئيس حكومة لبنان السابق أو”الشيخ سعد”، كما يحبّ مناصروه أن ينادوه، أطلّ على جمهوره من دون الحاجة إلى طائرته ولا إلى موكب ينقله مسرعا الى  بيت الوسط. فالبوابة التي اختار العودة منها آمنة، والطريق التي سلكها بعيدة كل البعد عن تلك التي حذّرته منها أجهزة مخابرات عالمية وعربية. نعم، عاد سعد الحريري إلى بيروت و لكن عبر “تويتر”. كان شجاعا واعترف بارتكاب بعض الأخطاء، فهو جديد على “تويتر” و لم يعتد بعد كل إمكانياته. ثم، إنه سعد الحريري بذات نفسه وليس موظفا لديه يدير حسابه كما أكّد للإعلامية أوكتافيا نصر، قائلا: “إنه أنا يا أوكتافيا، لن أسمح لأحد بأن يتكلم عني”. يبدو أن أوكتافيا صدّقته وكذلك أكثر من ثمانية آلاف متابع، جزء كبير منهم لم يتردد بطرح كافة أنواع الاسئلة عليه. طيلة ساعتين أو أكثر تحدّث مع متابعيه في كافة المواضيع التي تخطر ببال: سوريا، المحكمة الدولية، حزب الله، صيدا، طرابلس، 14 آذار، الهارلي دايفدسون، السينما،… كل شيء تقريبا. لم يبخل بالأجوبة التي بدت بعيدة عن التكلّف أو المواربة، لم يبدُ بحاجة للتذاكي أو لإنكار حقيقة أنه ترك بيروت إثر انقلاب سياسي شارك فيه أقرب حلفائه السابقين، فتكلّم عن وليد جنبلاط بدماثة وبدت شعرة معاوية حاضرة كلما سئل عنه. كرّت سبحة الاسئلة، فعاتبته لارا الأسعد، إحدى المتابعات، وذكرته بالوعود التي قدّمها لمدينة طرابلس شمال لبنان، إبّان الإنتخابات النيابية الفائتة، فأجابها بأنه بدأ مشروع مرفأ طرابلس لكنه دائماً ما جوبه بمعارضة شديدة. كان سعد الحريري خلف حاسوبه في الرياض متحفزاً من دون شك، محاطا بعدد من المساعدين والمستشارين الإعلاميين على الأرجح، ولكنه عاد إلى جمهوره ووعده بالعودة الكاملة متى سمحت الظروف من دون أن يفصح أكثر. سعد الحريري ليس السياسي العربي الوحيد الذي يغرّد على “تويتر”، بل إن تفعيله لحسابه جاء متأخراً قليلا، ووسائل الإعلام اللبنانية خصّصت وقتا في نشرات اخبارها لتحليل مغزى إطلالته على جمهوره عبر وسيلة تخاطب الشباب بشكل خاص. كثر اتفقوا ان عودة الحريري الإبن عبر موقع تواصل اجتماعي غير تقليدي تشكل نهجاً جديداً يدلّ على نيّته الإمساك بدفّة الأمور، والبعض الآخر لم يتوانَ عن الغمز من قناة بدئه حملة الانتخابات النيابية القادمة في لبنان عام 2013. مئة وأربعون حرفاً في كل ردّ لإيصال أيّ فكرة، هي سياسة “تويتر” التي صنعت شهرته وفاعليته، فالإختصار والمباشرة في إيصال المعلومة استراتيجية اثبتت نجاحها، استراتيجية استعارها سعد الحريري عندما اختار الانغماس في قضايا ومخاوف الشباب اللبناني فأتى الخطاب راقياً ومليئاً بالإفادة للطرفين.