- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان …. الأسير

نجاة شرف الدين

مر لبنان ولا يزال ، بمحطات عديدة كان  فيها أسيرا لقرارات خارجية، دولية وعربية، انعكست على واقعه السياسي والاقتصادي وأحدثت شرخا كبيرا بين اللبنانيين، ومر لبنان بمراحل صعبة نتيجة فرض قرارات خارجية حتى في التسويات للصراع السياسي ، وفي كل مرة كان اللبنانيون أسيرين موقع بلدهم الجغرافي وما يفرضه ذلك من تداعيات ، إضافة الى تعددية لبنان المميزة له  والمتسببية بمشاكله في آن .
ومنذ الإنسحاب السوري من لبنان في العام 2005 ، بعد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ،
بقي لبنان أسير الإنقسام الداخلي بين مكوناته السياسية ، الحليفة لقوى خارجية ، تتصارع على الساحة اللبنانية . هذا الوضع تطور أمنيا وسياسيا ونتج عنه إتفاق سياسي وهو ما عرف باتفاق الدوحة ، الذي لم يدم طويلا ، ومجددا إنعكست التطورات داخليا وخارجيا على القرار اللبناني ، المتأثر بالقرارات العربية والدولية ، من إيران مرورا بالعراق وصولا الى سوريا ، وما بينهما من صراع خليجي إيراني ، وأميركي إيراني ، ودخول العديد من الدول على الخط مع بداية الأحداث في سوريا وتطورها ولا سيما تركيا .
مؤخراً ، يعيش اللبنانيون أسرى المواقف المنقسمة على الصراع في سوريا ، فتتحول التصاريح الداعمة للنظام السوري والرئيس السوري بشار الأسد ولا سيما من حزب الله ، الى هجوم على من يناهض النظام ويدعم الثورة السورية والمعارضة ، ولا سيما تيار المستقبل ،وبالعكس ،  ويصبح بذلك لبنان أسير الخوف من إنتقال  المعارك السياسية الداخلية والتي تحولت عسكرية بفعل مشاركة حزب الله  في الحرب على الجيش السوري الحر ، في منطقة القصير على الحدود السورية اللبنانية ، الى الداخل اللبناني ،خاصة مع إتهام الجيش الحر للحزب بخوض معارك الى جانب النظام وإعتباره ذلك بمثابة إعلان حرب ، وفي المقابل إتهام الحزب للمستقبل لا سيما في الشمال وعلى الحدود البقاعية ومنها عرسال بدعم الجيش الحر ، كما في إنعكاسات هذا الإنقسام  على عمل مؤسسات الدولة ليكون قانون الإنتخاب أسير هذا الصراع الدائر سياسيا في لبنان ، وعسكريا على الأرض السورية .
وفي الإنتظار  ، يعيش لبنان أسير معارك التسويات السياسية على سوريا ،إذا ما حصلت ،  وما يمكن أن يكون الثمن على الجانب اللبناني ، لأن التسوية كما الحرب ، يدفع ثمنها اللبنانيون  نتيجة التداخل الجغرافي والسياسي ، خاصة أنه إستقبل حتى الآن ثلاثمئة ألف لاجىء سوري ، مما يجعله طرفا في تحمل أي نتائج يمكن أن تؤدي إليها الإتصالات الدولية .
وفي ظل الأجواء المتوترة التي يعيشها اللبنانيون هذه الأيام نتيجة التوتر الأمني والسياسي ، في الشمال والبقاع ، وعلى الحدود اللبنانية السورية ، فإن لبنان أسير أي حدث أمني يمكن أن يحصل ، من قطع للطرقات وإنتشار للسلاح ، وعمليات الخطف ،وإنتفاضات المساجين في سجن رومية وغيره من السجون ،  والفوضى وعدم الإستقرار ، مما يجعله رهينة بيد من يحمل السلاح على الأرض ويفرضه على الواقع .
وأخيرا وليس آخراً ، يبرز الى الواجهة المشهد في صيدا ، تهديدات وحمل للسلاح تحت شعار ” مواجهة حزب الله ” من قبل إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير الذي ظهر كظاهرة إعلامية ليتحول  فجأة وبدعم من بعض القوى محلية وخارجية الى ظاهرة صوتية عبر قوله  انه «لن يدع هؤلاء المدججين بالسلاح في أماكنهم لاستفزاز المصلين المترددين على مسجده، وانه مستعد لتكرار الانتشار المسلح فيما لو عجزت الدولة عن حمايته ومناصريه من شبيحة حزب الله وسلاحهم»، مؤكدا انه لن يسمح لحزب الله بأن يفعل في صيدا ما فعله في بيروت في 7 أيار  2008، محذرا كل المعنيين بالشأن الأمني من سياسة حزب الله التي قد تصل الى حد ارتكابه المحظور سواء بحق مسجد بلال بن رباح أو بحق مناصريه، وسوقه الأمن في صيدا الى حيث لا يريده (أي الأسير) او الى حيث لا تنفع بعده عبارة «لو كنت أعلم»، معتبرا ان مسؤولية الدولة حماية اللبنانيين والا فلتستقل من منصبها وتترك الأمر للحماية الذاتية.
لبنان الأسير لكل التطورات المحيطة ، ولكل الأحداث أمنيا وسياسيا ، لم يكن ينقصه اليوم سوى أن يكون أسيرا للشيخ الأسير…