- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التضحية مطلوبة

فداء عيتاني – سراقب:

–          “يا ابني انتو اللي بيسموكم الثوار؟”

–          “لا يا خالة، نحن الامن”

–          “آخريين”

(عجوز تعبر حاجزا سوريا يؤدي الى مدينة ادلب)

من يزور سراقب ولا يجالس “عمتي افتعال” (اسمها الصريح على نفس الوزن) كأنه لا زار سراقب ولا داس في محافظة ادلب

عمتي افتعال راوية من الدرجة الاولى، تعيش في منزلها بعد ان هجرها زوجها بعد اعوام قليلة من “الحياة السعيدة جدا” بحسب وصفها، الا ان هذه الحياة السعيدة ادت بالرجل الى الفرار وترك المنزل واطفاله الخمسة والعيش في دولة المغرب، والزواج من مغربية، الا ان عمتي افتعال لم تطلب الطلاق، فلا بأس بان يكون للرجل زوجة هنا وزوجة هناك، وحين كبر بكرها ارسلته لاعادة والده، فقرر الشاب متابعة حياته في المغرب ايضا الى جانب والده، والاستقرار هناك وان كان لم يتزوج بعد، ثم رحل اخر نحو العمل في لبنان، واخر الى حيث لا ندري بعد. وبقيت عمتي افتعال في المنزل مع ابنتها تتذكر جيدا حياة السعادة التي عاشتها مع زوجها، وترصد حياة الاخرين بدقة.

كل المعلومات موجودة لدى عمتي افتعال، بينما الابنة تتابع تفاصيل العمليات الحربية والانقاذية بعد قصف الطيران عبر الهاتف: ها؟ اخرجوا المرأة المحتجزة تحت الركام؟ امضت اربع ساعات الى الان، هل يسمعون اية اصوات من بين الانقاض؟ لا بد انها ماتت. ساعاود الاتصال بكم لاحقا.

هكذا يعيش منزل عمتى على وقع الثورة والقصف، مليئا بالمعلومات بما فيها اكثر المعلومات سرية عن سير اعمال الثورة والاغاثة، وواتى الحظ عمتي بشق الدولة السورية طرقا عامة تصل بالاوتوستراد الدولي تمر من امام المنزل، ما اتاح للعمة الخمسينية ان تلتقي بكل المارين من والى المدينة الصغيرة وتحادثهم وتسمع كل جديد.

تروي عمتي افتعال عن تلك المرأة البالغة 65 عاما من العمر، والتي اعتقل ولدها لدى الامن، عمتي افتعال تكرم وفادة ضيوفها، تقدم القهوة والحلويات الخفيفة، وتسأل عمن لم يتناول عشاؤه منهم، ثم تتابع روايتها، المرأة العجوز لم تعرف اين الولد، ثم عرفت اخيرا، انه لدى احد فروع الامن، ولكنها خشيت ان تذهب، قالت لعمتي انها تخاف ان يعتدي عليها رجال الامن، او يغتصبوها، الا ان عمتي افتعال اعتبرت ان موقف هذه المرأة لا يمثل الامومة الحقيقة “فعلى الام ان تضحي من اجل اولادها. اليس كذلك يا ابن اخي؟”

بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة