- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

رسالة فرنسية لبشار: اختر من يمثل النظام بعدك

باريس – بسّام الطيارة

مسؤول فرنسي رفيع لا يعترف بأن الكتائب الجهادية قد طمست قدرة «الجيش السوري الحر» على التحرك، ولكنه يلمح إلى ذلك تلميحاً. المسؤول الرفيع لا يعترف برقم ٧٠ ألف مقاتل إسلامي بل يكتفي بالقول «إن أعدادهم تتزايد». المسؤول نفسه لا يريد أن يرافق الاتهامات التي بدأت تصل إلى العواصم الغربية حول السرقات التي تتم على أيدي «عصابات تنتمي أو تدعي الانتماء إلى الجيش السوري الحر» ما يدفع أعداداً متزايدة من المواطنين لـ«الارتماء في أحضان الكتائب المقاتلة». وأخيراً يقلب المسؤول الرفيع شفتيه عندما يشار إلى قول جون كيري في الدوحة «إن الأسلحة التي تقدمها دول أخرى إلى المعارضة السورية بدأت تصل إلى القوى المعتدلة».
رغم كل هذا ورغم التأكيدات فإن نظرة فرنسا للمسألة السورية تختلف بما لا يقبل الشك عن نظرة حلفاءها الغربيين مثل الولايات المتحدة وعدد لا يستهان به من شركائها الأوروبيين في مقدمتهم دول أوروبا الشمالية وألمانيا.
من هنا التردد الذي يرافق تصريحات المسؤول الرفيع حول «مستقبل المجلس الوطني السوري»، ومحاولة «تناسي» المقاومة التي واجهت باريس من داخل المجلس الوطني وبشكل خاص من الجناح الإسلامي المسيطر عليه والذي دفع بـ«أقرب المقربين للديبلوماسية الفرنسية» إلى بابا الخروج مم مراكز المسؤولية في قيادة المجلس.
ففرنسا كانت السباقة في دفع المعارضة لتشكيل «المجلس الوطني السوري» وفي ذهن مخططي سياستها الخارجية في شقها السوري محاكاة للشق الليبي: استقبال وحفاوة للمجلس الوطني في باريس وعلى درج الإليزيه قبل إن يستقبل المجلس الوطني الرئيس نيكولا ساركوزي في طرابلس استقبال الأبطال. تكرر المشهد وإن «بتردد» مع الحالة السورية حيث كان «أول لقاء رسمي مع رئيس المجلس الوطني (برهان غليون آنذاك) على «درج مسرح الأوديون» وليس الإليزيه.
وقد استطاع الإسلامييون المسيطرون على المجلس الوطني دفع باريس بعد تغيير الحكم ووصول فرانسوا هولاند، لدعمهم خلال مخاض إنشاء الائتلاف الوطني بحيث أمسكوا به من الداخل بحصولهم على حصة الأسد (بالمعنى العددي الكمي!).
والآن هل تستطيع باريس تغيير سياستها بعد أن لاحظت أنها في طريق مسدود وانها اتبعت «من حيث تدري أو لا تدري» المسار القطري؟ المقاربة اليوم صعبة وإن كانت غير مستحيلة.
بالطبع تتمسك باريس بلازمة «التغيير يتطلب رحيل الأسد» تقولها بمناسبة كل تصريح رسمي وتتمسك بهذا الطلب.

ترددت حين تردد  الموفد العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في تفسير اتفاق جنيف حسب قراءتها، ثم ترددت حين «انفرد» الابراهيمي بموسكو وواشنطن لإيجاد حل، وترددت مرة أخيرة حين دعا معاذ الخطيب إلى حوار وإن مشروطاً كان.
اليوم باريس خرجت عن ترددها ولكنها لم تخرج إلى العلن (حتى الآن) بمواقف جديدة. تستطيع «برس نت/أخبار بووم» أن تؤكد استناداً إلى مصادر موثوقة أن باريس أرسلت رسالة إلى بشار الأسد عبر وسيط مقبول من دمشق، تطلب فيها منه أن «يختار من يمثله في المفاوضات لترى ما إذا كان يمكن للمعارضة أن تقبل به». بالطبع المقطع الأخير من الرسالة أي قبول المعارضة ما هو إلا «مقطع تفاوضي». إذ تؤكد المصادر بأن «التحضير لحل يمني» على قدم وساق وأن باريس اقتنعت بضرورة إلباس سياستها تجاه المسألة السورية بعض الليونة التفاوضية إذا أرادت أن لا تكون خارج الحل بعد أن كانت رأس حربة إسقاط النظام.
إلا أن النتائج المباشرة لهذا التغيير في المقاربة فسوف ينعكس «انهياراً وتفككاً للمجلس الوطني السوري»، وانفتاحاً على المعارضة الداخلية المنادية بتفاوض مع النظام، التي بات لها ممثلين في العاصمة الفرنسية أكثر ممن يسكن في عاصمة الأمويين، مع احتمال كبير في أن ينضم معاذ الخطيب إلى «الفريق الباريسي من المعارضة» وأن تعود شلة من المعارضين التي اختفت في الأشهر القليلة الماضية إلى واجهة العمل انطلاقاً …من باريس.