- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان «لادولة» والدكتور… كاوبوي

نقطة على السطر
بسّام الطيارة
أوردت الصحف اللبنانية اليوم خبراً يبدو أنه خارجاً من فيلم كاوبوي أو فصص أل كابوني في شيكاغو  في مطلع القرن، مفاد الخبر «أن مدير عام مصلحة الابحاث العلمية الزراعية في تل عمارة الدكتور ميشال افرام، تعرض لمحاولة اختطاف من قبل مجهولين (…) وعمد المجهولون إلى إقفال الطريق بالحجارة، وقام احدهم بتحطيم زجاج سيارة الدكتور بكعب مسدس حربي، ما دفع افرام إلى اطلاق النار عليهم من سلاحه الحربي والفرار…».
مثير للانتباه عدة نقاط في هذا «الخبر» الذي يمثل في الواقع نقطة في بحر أخبار لبنان:
– مدير عام مصلحة أبحاث «علمية» يتعرض لعملية عنف (خطف أو سلب).
– مجهولون يستطيعون «سد طريق عام بالحجارة».
– مسلحون (بالطبع) لا يترددون بكسر زجاج سيارة المواطن بكعب مسدس «حربي».
-يا للمفاجأة ! «الدكتور» كان مسلحاً بمسدس «حربي».
أربعة نقاط هي بمثابة درس أنتروبولوجي في الحالة اللبنانية.
قطع الطرق والخطف والسلب لم يعد يقتصر على استهداف الأغنياء بل بات يطال أيضاً العاملين في الحقل «العلمي»، والسلاح الحربي بات متوفراً «لدى الجميع» قطاع الطرق مثلهم مثل «الدكاترة» يحملون اليوم مسدسات حربية.
يدفعنا خبر مثل هذا إلى التشخيص بأن لبنان يغوض رويداً رويداً في حالة «لا دولة»، ورغم إشارة الخبر إلى أن الدكتور «أدعى على مجهولين في مخفر زحلة» إلا أن هذا يزيد من حدة التشخيص بالتساؤل ما نفع المخفر طالما أن المعتدي والمعتدى عليه يحملا سلاحاً حربياً.
نقول «الحمد لله على سلامة الدكتور أفرام». بالطبع أقارب الدكتور وأصدقاءه يحمدون الله بأنه «كان مسلحاً» فلا وظيفته العالية (مدير عام) ولا درجة الدكتوراه  أو اختصاصه «العلمي» حماه من الجناة، ولا الدولة (رجال الأمن) حمته على الطرقات فقط حاميه كان … مسدسه. هذا يعني أولاً وأخيراً «نهاية الدولة» حسب أبسط القواعد.
أوباما يحاول جاهداً أن يخفف من انتشار الأسلحة بين مواطني بلاد الكاوبوي. ويثير اشمئزازناً كل خبر يأتي من بلاد اليانكي عن مجزرة حصلت بسبب انتشار السلاح الحربي. ولكن كيف نستقبل خبر ما «حصل» للدكتور؟ من يجرأ عى طرح مسألة سحب السلاح من من أيدي المواطنين في لبنان اليوم؟
الاحصاءات «العلمية» غائبةعن لبنان، لو وجدت ولو غطت التهريب لعلمنا أن لبنان يعتبر «أحد أهم مراكز استيراد وتخزين ومرور الأسلحة» في العالم. ليس فقط بسبب الحالة السورية اليوم أو الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، ولا هي فقط مخلفات الحرب الأهلية «السابقة» التي خرجت من حيث طمرت. لا: السبب هو أن هذا البلد هو «لا دولة».
(أقول طبيعي أن يحمل قطاع الطرق سلاحاً لأنهم خارج القانون ولا أجد من الطبيعي أن يحمل مواطناً السلاح بينما من المفروض أن تحمي الدولة المواطن)
بناء الدولة الهرمي يقوم أساساً على تسليم كل مواطن أمنه ومصيره للدولة  عبر عقد جماعي يكون لبنة الوطن. فالدولة تحميه وتحمي حقوقه وتؤمن له حياة آمنة. ولكن حين لا تقوم الدولة بهذا الدور تنهار مقوماتها.
لبنان «لا دولة» لأن مواطنيه يقبلون بطريقة غرائزية بأن يتبعوا زعماءهم في قضم هيبة الدولة، ويقضمون هم أيضاً من هيبتها بالركون إلى سلاحهم لحماية أنفسهم هو مسلك «طريق العودة» إلى شريعة الغاب.
سؤال يفرض نفسه ماذا يفعل الدكتور لو تسلح قطاع الطرق بـ«أر بي جي»؟ أو بمدفع؟ أو بدبابة؟ أو بطائرة حربية؟ أين «الحربقة اللبنانية» للإجابة على هذه الأسئلة السخيفة؟
الحمد لله على سلامة الدكتور .