باريس – بسّام الطيارة
ماذا يحصل في ملف الحرب في سوريا؟ هل هو تقاسم أدوار بين واشنطن من جهة وباريس ولندن من جهة أخرى؟ أم أن التقارب الأميركي الروسي زرع شرخاً بين الحلفاء الغربيين؟ ماذا ذهب يفعل المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي في طهران؟
أسئلة متعددة طرحتها الأربع وعشرين ساعة الأخيرة التي تلت تصريح جون كيري بقبول الأسد كمفاوض لوقف آلة الحرب في سوريا.
وقد بدأ سيل التساؤلات بعد مبادرة باريس بالحث على تسليح المعارضة السورية على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس، وواكبه في ذلك وزير خارجية بريطانيا الذي لم يتردد من إعلان تفكير بريطانيا بإرسال سلاح إلى الثوار السوريين في مؤتمر مشترك مع سيرغي لافروف. الذي رد عليه بأن «تسليم المعارضة أسلحة هو مخالفة للقانون الدولي».
وقد لوحظ غياب أي تعليق من واشنطن على تصريحات حلفاءها الغربيين، ما زاد من الشكوك في أن تكون العواصم الثلاث قد «دبرت عملية تقاسم أدوار». وقد أكد ديبلوماسي غربي أن الاسترايجية الغربية تقوم على ثلاث مرتكزات: ١) إعطاء فرصة للحراك الروسي لعله يصل إلى جلب الفريقين إلى طاولة الحوار، ٢) ترك الحلفاء الإقليميين يسلحون المعارضة وهو ما تجسد بقرار الجامعة العربية الأخير، ٣) بدء الاستعدادات لتدخل مباشر يبدأ بتسليح المعارضة بشكل مكثف بعد أن تم تحضير الرأي العام الأوروبي بضرورة «إقامة توازن قوى» سعياً وراء إجبار النظام على التفاوض.
بالفعل يتم العمل على هذه الاستراتيجيات الثلاث بشكل متواز.
لذا فإن زيارة الاخضر الابراهيمي السرية إلى طهران الأحد الماضي تأتي ضمن خطة الاحتواء التي باشرتها موسكو سعياً للضغط على نشام الأسد للقبول ببعض الشروط التي يمكن أن تؤهب لبدء مفاوضات غير مباشرة، ومن هنا وجب قراءة إعلان دمشق تأليف وفدها للتفاوض مع المعارضة.
فيما يتعلق بالاستراتيجية الثانية فإن قطر والسعودية حصلتا على ضوء أخضر من الجامعة العربية لتسليح المعارضة بشكل كثيف وقد ظهرت النتائج الأولى بتغيير طفيف في ميزان القوى على الأرض. (معركة بابا عمرو وسقوط الرقة وفتح جبهة القصير على الحدود اللبنانية في ريف حمص).
أما الاستراتيجية ثالثة فقد أعلنها صراحة الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» أم الخميس لدى وصوله إلى القمة بقوله «نريد أن يرفع الأوروبيون حظر السلاح» ورمى باللازمة المنطقية لهذا الخروج عما توصل إليه اجتماع وزراء الخارجية قبل اسبوع فتابع «نظراً لأنه يتعين علينا الضغط وإظهار استعدادنا لدعم المعارضة فيتعين أن نذهب إلى ذلك المدى» وكشف بأن «بريطانيا وفرنسا متفقتان بشأن هذا الخيار» وأنه هذا ما سيطلب من الأوروبيين في القمة رفع الحصار. وقد أكدت المتحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان هولاند وكاميرون عقدا اجتماعاً منفصلاً عند بداية القمة لمناقشة سوريا.
وفي رد على سؤال لـ«أخباربووم» قال الناطق الرسمي المساعد لوزارة الخارجية «فانسان فلورياني»و بأن باريس «لا تقبل بهذا الخلل في ميزان القوى حيث تورد روسيا وإيران أسلحة لبشار الأسد من جهة بينما المعارضة لا تستطيع الدفاع عن نفسها». وأكد فلورياني «بأن ذلك لا يعني التخلي عن الحل السياسي» وأن الأسد لا يريد التحرك لأنه «يعتقد بتفوق أسلحته» وبرر رفع الحضر بأنه «الوسيلة الوحيدة لتحريك سياسي للوضع».
وأنهى فلورياني تصريحه بدعم مبادرة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري مذكراً على أن «بشار الأسد لا يستطيع بعد ثورة دامت سنتين أن يكون فريقاً في المفاوضات». وشدد على أنه «ارتكب جرائم وصفت بأنها جرائم حرب من المجلس الأعلى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة».