- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مخزومي : مستعد لتولي رئاسة حكومة حيادية إنقاذية

باريس – جاد عويدات
أكثر ما يلفت المتابع للواقع السياسي اللبناني منذ اشهر هو غياب “المايسترو” أي الراعي الإقليمي للسياسة الداخلية في لبنان. هذا الغياب الطارئ ، يضع السياسيين اللبنانيين في حيرة من أمرهم. يشهد لبنان اجواء من الفلتان الامني المنقطع النظير والتوتر المذهبي والطائفي على أشده، أضف الى ذلك، الترقب لما يجري في سوريا. في ظل هذه الأجواء المشحونة، يطُل استحقاق الانتخابات النيابية المقررة في حزيران المقبل. وتكتسب هذه الفترة التي تسبق الانتخابات لهذا العام ميِّزة خاصة مرتبطة بغياب “المعلم” القادر على وضع حد لانقسام الطبقة السياسية اللبنانية.
على بعد أربعة اشهر من الانتخابات النيابية المقررة، لم يتم التوصل بعد الى إقرار قانون للانتخابات. مسودة القانون الأورثوذكسي تثير الجدل حتى بين حلفاء الطرف الواحد. الخلاف والانقسام الحاد بين الأطراف الإقليمية التي لطالما حددت ضوابط اللعبة السياسية في لبنان، جاءت لتعقد، أكثر فأكثر، واقع الحياة السياسية في لبنان. هل ستحصل الانتخابات في موعدها أم سيتم تأجيلها؟ من هو الفريق المستفيد من تأجيل الانتخابات؟

أكثر المتفائلين يقول بأن الانتخابات سوف تؤجل “تقنيا” لمدة ثلاثة اشهر. في هذا السياق، يؤكد فؤاد مخزومي، رئيس حزب الحوار لـ”برس نت”، بأن قانون الستين انتهى الى غير رجعة، وسيُدفن في الجلسة النيابية المقبلة في ٢٠ آذار وان لم يتم الاتفاق على قانون آخر من المرجح ان يتم تأجيل الانتخابات ربما لمدة سنتين. وفي هذه الفرضية، ستكون كل مؤسسات الدولة اللبنانية في حالة تمديد بدء برئاسة الجمهورية. وفي معرض قراءته للواقع السياسي اللبناني، يرى مخزومي بأن هناك معارضة قوية من حزب الله والتيار الوطني الحر لقانون الستين وعلى صعيد آخر هناك رفض من وليد جنبلاط وتيار المستقبل للقانون النسبي، وفي ظل غياب التوافق من الطوائف الأساسية، ومهما يكن حجم التمثيل الشعبي للأحزاب، فلا يمكن للقانون بأن يتم إلا عبر “القاعدة الذهبية في لبنان”. من هنا يفترض العمل على القوانين المختلطة لأن الفكرة تلقى تجاوبا من الجميع، ولكن كل طرف يحاول “تطريز القانون على مزاجه”. تبقى فكرة الخلط بين النسبية والأكثرية هي الأفضل بالنسبة لمخزومي “لانها تفسح المجال للمواطن للتعبير عن رأيه بحرية بعيدا عن طغيان فريقين ثابتين في السياسة”. في نهاية المطاف يؤكد مخزومي، وهو العارف بالعقلية السياسية للطبقة الحاكمة، انه سيتم الاتفاق على نظام يجمع بين النسبي والأكثري. وبالتأكيد يأمل ان تنتج عن الانتخابات كتلة وسطية من ٣٠ نائبا تكون قادرة على تشكيل الحكومة في المستقبل لضخ دم جديد في الحياة السياسية اللبنانية.

يصف مخزومي التراشق الاعلامي بين الاقطاب بأنه ليس إلا عمل للتغطية على خفايا المفاوضات. الاختلاف العلني هو خلاف مرحلي قبل الانتخابات لتبرير ما قد يحصل لاحقا، “هناك هوة كبيرة بين أقطاب ٨ و١٤ آذار بسبب الملف السوري والطرفان لهم مواقف متناقضة مما يجري هناك وإمكانية التوصل الى تسوية باتت ضئيلة جداً، لكنها ستحصل، كذلك وجود طرف ثالث حواري قادر على بناء الجسور بين الأطراف كافة يكون ضروريا في مثل هذه الظروف”. إن الازمة السورية والطلاق السعودي السوري وهما الراعيان الأساسيان للسياسة اللبنانية يضعان لبنان في المجهول. الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي لم تقدم أي طروحات للخروج من الجمود وهي اقل من حكومة تصريف أعمال “لأنه باختصار شديد البلد مشلول”. الخطاب الطائفي والمتطرف على أشده والغرق في المستنقع السوري جعل من سياسة النأي بالنفس ” كلام أكثر منه أفعال” لكلا الطرفين. هكذا يُلخّص فؤاد مخزومي انعكاس الازمة السورية على كافة الاصعدة في الواقع الحالي.

ورغم قناعته بأن الرئيس ميقاتي “لا يرغب” في ترك مقعد رئاسة الحكومة، ومع ذلك، فإن مخزومي مستعد لترؤس “حكومة حيادية إنقاذية” شريطة إنهاء وحلحلة الأجواء المتشنجة، هذه الحكومة يجب ان تكون قادرة على التواصل واعادة الثقة مع جميع البلدان وتعيد للبنان صورته الإيجابية وتكون مهمتها انقاذ الاقتصاد اللبناني الموشك على الانهيار. ولا يخف رئيس حزب الحوار خوفه من الفراغ السياسي مستقبلا. و يربط المشكلة الحالية في لبنان بتبعات ما شهدناه بعد اتفاق الدوحة، هذا الاتفاق لم يعد في صلب المعادلة السياسية، “الرئيس الحريري جاء بتوافق سعودي سوري، وفي ٢٠١٠ بعد إسقاط حكومته، وصل الرئيس ميقاتي بنفس الاتفاق، هذا هو الواقع اللبناني. اما الآن وفي ظل انقطاع العلاقات السعودية السورية فنحن نتجه الى حالة من التمديد للنظام اللبناني ككل والخوف كله ينبع من الفراغ القادم”.