- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

استقالة جنبلاط: تمهيد لتوريث سياسي

بيروت ــ خاص «أخبار بووم»
فاجأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، في الجمعيّة العموميّة الأخيرة لحزبه، من لم يكن يريد أن يصدّق أنه قرر الاستقالة من رئاسة الحزب. فهذا الحزب الذي أسسه كمال جنبلاط ونخبة من مثقفي حقبة الأربعيينات في 17 آذار 1949، لم يتسلّم رئاسته أحد من غير آل جنبلاط. فبعد اغتيال كمال جنبلاط في 16 آذار 1977، تولّى الشاب وليد جنبلاط رئاسة الحزب. هكذا بعد مرور أكثر من ستين عاماً على التأسيس قرّر وليد جنبلاط أن رئاسته يجب أن تكون مفتوحةً أمام الجميع… لا لسبب إلّا تماشياً مع الربيع العربي.
خطوة محسوبة وذكيّة لجنبلاط. من الأكيد أنها ستمرّ على السذّج. هو تحوّل ديموقراطي، سيقول الكثيرون. لكن في الواقع، فإن جنبلاط أحال الحزب لأبنائه، وهم قلّة، وأبقى في يديه الزعامة الجنبلاطيّة. وهي زعامة ستؤول حكماً إلى وريثه تيمور جنبلاط، الشاب الذي درس العلوم السياسيّة في فرنسا، والمتحمّس للعمل السياسي كما يقول أصدقاؤه، لا لسبب، إلّا لحمل بعض الأثقال عن ظهر والده. لكن من يعرف الواقع الدرزي، يُدرك بأن الحزب تفصيل بالنسبة للحالة الجنبلاطيّة. فمع تولي وليد رئاسة هذا الحزب، قضى تدريجياً على الإرث الذي صنعه والده من تمدّد في الساحة اللبنانيّة. حصر نفسه في الدائرة الدرزيّة، وانطلق منها ليقول هذه حصتي في السلطة. اليوم، جسم الحزب مترهّل. لا تُعرض في الجمعيّات العموميّة أي ميزانيّة. لا أحد يعرف هذه الميزانيّة أصلاً، عدى جنبلاط ودائرته الضيقة. ولاء نواب الحزب للزعيم وليس للحزب.
حدّد وليد جنبلاط مهلة العام، لترك السلطة نهائياً. سماها مجلساً انتقالياً. قد يصدق الرجل، لكن من هو هذا الفدائي الذي سيجلس مكانه في كرسي الرئاسة؟ هل سيقتنع أنه يُمكن أن يكون رئيساً بوجود جنبلاط، قبل أن يُقنع جمهور الحزب؟ وإذا اقتنع هل سيتمكن من الممارسة؟ هل ستحوّل الأموال التي تأتي إلى الحزب للحزب، أم ستبقى في جيب جنبلاط الخاص؟
أسئلة كثيرة، تدور في بال مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي من دون أن يكون هناك أي جواب جاهز. الأكيد أن وليد جنبلاط بدأ عمليّة توريث السلطة في حياته، وهذه أوّل مرة تحصل في التاريخ الحديث لآل جنبلاط. فكلّ عمليّات التوريث في آل جنبلاط جرت كلّها بعد موت الزعيم، قتلاً أو موتاً طبيعياً. فالسيدة نظيرة جنبلاط ورثت زوجها فؤاد الذي اغتيال في 6 آب 1921، ثم ورثها ابنها كمال بعد موتها في آذار 1951، ثم ورث الحفيد وليد في آذار 1977. وفي حالتي كمال ووليد جنبلاط فإن الوريث لم يكن يُريد مزاولة السياسة، فكمال جنبلاط أراد حياة المحاماة، ووليد جنبلاط أراد حياة السهر والنساء. اليوم، يُراد للوراثة أن تجري في حياة الزعيم، وفي ظلّ وريث يُحب العمل السياسي.