دمشق ــ “أخبار بووم”
جسّد مشهد تعرض عدد من قيادات معارضة الداخل السوري للرشق بالبيض والضرب على ايدي عدد من السوريين المعتصمين امام مقر جامعة الدول العربية في القاهرة الأربعاء، حدة الانقسام بين أطياف المعارضة السورية، واختلاف نظرة الشارع السوري إلى مكوناتها.
فمعارضة الخارج ترفع شعار اسقاط النظام، والحماية الدولية في مواجهة آلة القمع التي يواصل النظام استخدامها، في محاولة لاطالة أمد حكمه. كما أن بعض أطياف معارضة الخارج لم يعد يتردد بالمجاهرة في رغبته بحدوث تدخل عسكري خارجي للاطاحة بحكم الرئيس السوري بشار الأسد، انطلاقاً من اقتناع راسخ لدى فئة من السوريين أن السلاح وحده هو الكفيل بقلب موازين القوى.
في المقابل، تبدي معارضة الداخل، منذ اندلاع الانتفاضة السورية في آذار الماضي، ميلاً نحو المهادنة، وبينها هيئة النتسيق الوطنية التي كان عدد من قيادييها هدفاً لغضب المحتجين في القاهرة.
فالهئية، التي يترأس أمانتها العامة حسن عبد العظيم وتضم في صفوفها مجموعة من الشخصيات، تتحدث عن ضرورة تغيير النظام، لكنها في الوقت ذاته تبدي انفتاحها على الحوار معه ضمن شروط محددة، في موازاة رفضها لأي تدخل خارجي أو حتى مبدأ الحماية الدولية لوقاية المدنيين من عمليات القتل اليومية التي تطالهم.
والنقطة الأخيرة بحد ذاتها، تشكل اليوم وأكثر من أي وقت مضى مصدراً للخلاف بين معارضة الداخل والخارج من جهة، وبين معارضي الداخل وفئة من المحتجين السوريين من جهةٍ ثانية، وهو ما ترجم في المشهد الذي تناقلته الفضائيات، حيث ظهر فيه عدد من قيادات معارضة الداخل يتعرض للرشق بالبيض، واللكمات والركلات، في دلالة واضحة على مدى حدة الانقسام الذي بلغه الشارع المعارض.
وفي خضم هذه الاختلافات في وجهات النظر بين المعارضين السوريين، أكدت جامعة الدول العربية على لسان أمينها العام نبيل العربي نيتها مواصلة الحوار مع أي شخص يضع نفسه في خانة المعارضة، انطلاقاً من رغبتها في الوقوف على آراء مختلف الأطراف السورية، على أمل أن يجلس السوريون في القريب العاجل على طاولة الحوار، وفقاً لما تضمنته المبادرة العربية التي وافقت عليها السلطات السورية، من دون أن تنجح في الالتزام ببنودها حتى اللحظة، في ظل استمرار سقوط قتلى في عدد من المدن السورية، وصلوا اليوم إلى ٢٥ وتوزعوا بين حي البرزة في العاصمة دمشق، وحمص، وريف حماه ودرعا.
ويبدو أن عمليات القتل المتواصلة ستفتح المجال امام اجراءات جديدة قد تكون سوريا عرضة لها، في ظل تمسك المجلس الوطني السوري في اتخاذ جامعة الدول العربية موقفاً واضحاً من ما يجري في سوريا التي لن يشفع لها تمسكها برواية المجموعات الارهابية المسلحة التي تقوم السلطات بملاحقتها. وان كان شبه اجماع قد تكوّن لدى دول الجوار الاقليمي وحتى الغرب بوجود اعتداءات ضد قوات النظام السورية من جيش وقوى أمنية وموظفين حكوميين، مصدرها المنشقين عن الجيش الذين باتوا أكثر تنظيماً وأكثر ميلاً لتنظيم عمليات مدروسة تسفر بشكل منتظم عن سقوط قتلى في صفوف العناصر الأمنية السورية.
وفي السياق، تستعد الجامعة العربية لعقد اجتماع طارئ لها يوم السبت من المتوقع أن يكون عاصفاً، على غرار الاجتماعات التي سبقت موافقة السلطات السورية على المبادرة العربية، وخصوصاً مع عودة الحديث عن رغبة بعض الدول في اعادة فتح النقاش حول امكانية تجميد عضوية سوريا في الجامعة، الامر المتوقع معارضته بحزم من قبل بعض الدول، في مقدمتها لبنان والعراق، ليكون مصير أي خطوة قادمة رهناً بالتطورات الداخلية في سوريا، والاتصالات الاقليمة والدولية وسط استمرار الانقسام في مواقف الأسرة الدولية ازاء أفضل السبل القادرة على ايقاف عمليات القتل.