جوبا ــ «أخبار بووم»
في السنوات التي سبقت انفضال جنوب السودان عن شماله، كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان، بزعامة جون قرنق، ولاحقاً سيلفا كير ميارديت الذي خلف الأول بعد وفاته، ترفع الصوت عالياً اعتراضاً على ممارسات الحكومة السودانية، وبينها التضييق على الحريات، وبشكل خاص عمل الصحافيين والمعارضين.
الا انه منذ الانفصال، تثبت الحركة الشعبية، التي تحولت إلى الحزب الحاكم في الجنوب المنفصل، يوماً تلو الآخر أنها لا تختلف في ممارساتها عن نظيرتها في الشمال. فالحديث عن اعتقال المعارضين السياسيين، والصحافيين، واغلاق الصحف، بات خبراً شبه عادي في جوبا، عاصمة الدولة الوليدة.
وآخر ضحايا القمع في جنوب السودان رئيس تحرير صحيفة «دستيني»، التي تصدر باللغة الإنكليزية، نقور أرول قرنق، والكاتب الصحافي دينجديت أيوك من صحيفة «المصير» التي تصدر باللغة العربية.
اما التهمة فليست سوى التطاول على عائلة رئيس الجمهورية سيلفا كير ميارديت، بعدما انتقد الصحافيان تزويج زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان ابنته من مواطن أثيوبي، وهو ما رأى مدير الأمن القومي في جوبا، أكول كور، انه يخوله اعتقال الصحافيان بشكل تعسفي، ومن دون منحهما حقوقهما الدستورية واغلاق صحيفة “دستيني” حتى اشعار آخر.
امام هذا الواقع، طالبت منظمة العفو الدولية السلطات الحكومية في جنوب السودان بإطلاق سراح الصحافيين المحتجزين منذ أسبوع والسماح لمحاميهما وأسرتيهما بزيارتهما، والكشف عن مكان احتجازهما. ودعت المنظمة إلى ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير، وصيانة حقوق الإنسان التي تم تضمينها في دستور دولة جنوب السودان المؤقت.
بدوره، أكد مستشار لجنة حماية الصحافيين في شرق أفريقيا، توم رودس، أن ما يحدث في أحدث دولة في العالم أمر مثير للقلق، خاصة أنها تقوم باعتقال الصحافيين بموجب اتهامات صيغت بعبارات غامضة، داعياً «السلطات للإفراج عن الصحافيين ورفع الحظر المفروض على الصحيفة (دستيني)».
أما اللافت فهو تصريح وزير الاعلام في الدولة الوليدة، بنيامين ماريال، الذي أسر للجنة حماية الصحافيين، أنه لا يعلم أي شيء بشأن هذه الاعتقالات، واعداً أن مكتبه سينظر في هذه المسألة، في اشارة واضحة إلا ان عقلية الأجهزة الأمنية في جنوب السودان وأسلوب عملها لا يختلف كثيراً عن الأجهزة في الشمال التي لطالما كان سلوكها موضع شكوى، بحيث كانت هي الآمر الناهي في مختلف شؤون الحياة.