- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إنتظرناها من فلسطين فجاءت من تركيا

نجاة شرف الدين

لم يكن سامر العيساوي السجين الفلسطيني المضرب عن الطعام منذ مئتين وخمسين يوما ، على علم بزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الى إسرائيل ، وبالطبع لا يعلم أوباما أن قلب العيساوي يمكن ان يتوقف في أي لحظة ، كما لم يكن أحد من آلاف المعتقلين الفلسطينيي يتوقع أن يطلب أوباما من الجانب الإسرائيلي “الإعتذار”  عما لحق بهم جراء عمليات التعذيب والظروف السيئة التي يعيشونها في السجون والإضراب عن الطعام الذي يواجه بلا مبالاة إسرائيلية ، كما لم يتوقع أحد أن يطلب الرئيس الأميركي مجددا تجميد الإستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية ، لأن هذا الطلب لن يكون مناسبا في وقت يحاول فيه أوباما التقرب من الشعب الإسرائيلي نتيجة العلاقة غير الودية التي سادت بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الفترة الماضية.
غادر الرئيس الأميركي المنطقة بعدما أمضى أربعة  أيام في إسرائيل والأردن والضفة الغربية ، خصص القسم الأكبر منها للسياحة ، إن في إسرائيل أم في الأردن ، معربا عن إعجابه بالشعب الإسرائيلي الذي حرص على إرضاءه من خلال زيارة مقبرة هرتزل ووضع أكاليل  من الزهر على ضريحي مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل ورئيس الوزراء إسحاق رابين ، كما زار  مؤسسة (ياد فاشيم) المجاورة المعنية بتخليد ذكرى ضحايا المحرقة النازية حيث أكد ان قوة دولة اسرائيل كفيلة بمنع حدوث محرقة أخرى ، محاولا كسب ود الرأي العام الإسرائيلي ، خاصة أنه إختار أيضا التحدث امام 600 طالب جامعي إسرائيلي في مبنى الأمة ، وهو إستعمل بعض الكلمات باللغة العبرية للتقرب منهم . في الجانب الأردني ، أبدى أوباما دهشته للآثار في مدينة البتراء ، وإستمتع بجولة مشيا على الأقدام مترافقة مع شرح مفصل عن تاريخ المدينة .
الزيارة التي جاءت بعد جولة أخيرة من  الإشتباك بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي ، حقق فيها كل من الطرفين هدفا في شباك الآخر من دون تحقيق  الفوز ، من خلال دعم نتانياهو لمنافس أوباما ميت رومني في الإنتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر الماضي ، وتدخل أوباما في الإنتخابات الإسرائيلية من خلال رسالة غير مشجعة لنتانياهو ، هذه الزيارة شكلت إهتماما خاصا بالنسبة للصحف الغربية التي  أجمعت  على إعتبارها حققت مصالحة مهمة بالنسبة لحليفي أميركا ، تركيا وإسرائيل ، من خلال الإعتذار الذي قدمه نتانياهو لنظيره التركي رجب طيب أردوغان ، عن قتل الأتراك التسعة في سفينة مرمرة التي كانت متوجهة الى غزة في أيار من العام 2010 وفتحت الباب أمام عودة العلاقات الى طبيعتها بين البلدين بعد ثلاث سنوات من القطيعة .
على الرغم من عدم الإتفاق على الخط الأحمر الذي كان حدده نتانياهو لقنبلة إيران النووية ، إلا أن الزيارة يبدو أنها رسمت الخط الأساسي للعلاقة الإسرائيلية الإميركية من خلال تبني أوباما للإستراتيجيات التي كان إعتمدها الرؤساء الأميركيون قبله ، عبر إغداق المصطلحات في حماية أمن إسرائيل والتغزل بتراث إسرائيل الديمقراطي . أوباما الذي عرج على الضفة وزار كنيسة المهد ، لم يزعجه الإنتقال برا عبر الحواجز الإسرائيلية ، وهو العارف بتراجع ملف فلسطين اليوم الى الوراء ، في ظل تقدم الملفات المشتعلة بجوار إسرائيل ولا سيما في سوريا ، فحتى لو كان عنوان الزيارة المرفوع مفاوضات فلسطينية إسرائيلية ، إلا أن نتائجها لا تعدو كونها إسرائيلية تركية .