- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سقوط الأسد: احتراس إسرائيل ودول الجوار

(حصرياً تنشر بالاتفاق مع الفيغارو)

في العراق ‫يعتقد عدد من المسؤولين الشيعة الممسكين بشؤون الدولة بأنهم مدينون أدبيا لنظام حماهم إبان حكم صدام حسين‬. هذا هو موقف رئيس الوزراء نوري المالكي وكذلك موقف عادل عبد المهدي، ولكن يشاركهم فيه إياد علاوي، وكذلك رئيس الوزراء الكردي جلال طالباني، الذي حمل لفترة طويلة جواز سفر دبلوماسي سوري.
ويعودهذا«الدينالأدبي» إلى حقبة حافظ الأسد والد الرئيس الحالي، ومن هنا يواجه المسؤولون العراقيون الثورة في سوريا بـ «ننتظر لنرى» (wait and see)،يضاف إلى ذلك أنهم يتخوفون من أن تحل سلطة جديدة محل الأسد تكون، كما هو الحال في تونس ومصر، تحت تأثير خصومهم السُنة الإخوانالمسلمين.
ولا يوجد غير المسؤولين في المناطق ا‫لسنية الملاصقة للحدود السورية يعلنون صراحة دعم المتظاهرين ضد بشار باسم التضامن الطائفي‬. وجب التذكير بأن العديد من القبائل، مثل الشمّر، تقطن على جانبي الحدود.
يضاف إلى كافة هذه الأسباب التاريخية أن العراق يتخوف من تفكك الدولة الجارة في حال تفاقم الوضع، إلى جانب أن بغداد لا تود تحدي إيران في هذه المسألة. رغم هذا فإن الحكومة العراقية لم تستجب للطلبات السورية بشأن زيادة التبادل التجاري بين البلدين. فقد توجه إلى بغداد عدد من الوزارء السوريين لمطالبتها بشراء سلع سورية إلا أن المسؤولين أجابوا بأنهم لا يحتاجون إلى الملابس الجاهزة وسلع مشابهة للتي يعرضها السوريين.

في إسرائيل أيضاً يهيمن في الأوساط السياسية والأمنية مبدأ «ننتظر لنرى» (wait and see). فالدولة العبرية لا تود أن ترى الإخوان المسلمين يخلفون العلماني بشار الأسد.
ويقول دبلوماسي إسرائيلي «لدينا مايكفي من القلق مع وصول الإسلاميين إلى تونس». ويتابع«وسوف يصل بعض الإسلاميين إلى مواقع متقدمة لحكم مصر إلى جانب الفوضى في ليبيا». وينهي حديثة «وفي خاصرتنا الشرقية فإن الأردن غير مستقر ناهيك عن حزب الله في الشمال».
وإلى جانب كون عائلة الأسد قد ضمنت الهدوء على الحدود مع إسرائيل لمدة ثلاثة عقود، فإن من أسباب قلق الدولة العبرية الأخرى هو مصير الأسلحة الحساسة التي يمتلكها النظام السوري، خصوصاً صواريخ إم ٦٠٠ التي يبلغ مداها ٢٥٠ كلم، والتي صُنعت بمساعدة تقنية إيرانية. والإسرائيليون على يقين أن مع بقاء بشار فإن هذه الأسلحة لن تذهب إلى أطراف شتى. ولكن ماذا يمكن أن يحصل بعد ذهابه؟ فأكثر ما يخيف الأجهزة الإسرائيلية هو المجهول.
منذ بداية الثورة قبل ثمانية أشهر فإن موقف إسرائيل تغير عدد مرات: فيالبدايةاعترضت على الإطاحة بالأسد، قبل أن تتقرب من مواقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة عندما طالبت بإزاحة عائلة الأسد، قبل أن تعود منذ فترة قريبة إلى حالة ترقب وانتظار.
أما في الأردن فإن السلطة منقسمة بين الرغبة بالتخلص من جار ثقيل والخوف من انتقامه في حال اندلعت حرب أهلية في سوريا.
فعمان تتخوف من عدم الاستقرار على حدودها الشمالية، حيث هناك أيضاً تنتشر القبائل على طرفي الحدود. من هنا يمكن أن يتطابق موقف الأردن مع الموقف التركي، كما لمح وزير الخارجية ناصر جوده.
فقد أسر مسؤول عسكري أردني لأحد نظراءه الفرنسيين «في حال حصول أي تدخل عسكري تركي في الشمال لن يكون بوسعنا سوى التدخل في جنوب سوريا». ولتجنب إضعاف حدوده الجنوبية فقد حذر بشار الأسد بشكل واضح الأردن من أي تحرك يمكن أن يضر بمصالح سوريا. وتدركعمانالقدراتالسوريةعلىإلحاق الضرر بأراضيها.
فقد تحسنت العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة بعد فترة ساد خلالها التوتر عقب الاحتلال الأميركي للعراق والدور المزدوج الذي قامت به عمان من وجهة نظر دمشق. يضاف إلى كل هذا أن الملك عبدالله الثاني لا يزال يعتقد جزماً بأن نظام الأسد ما زال قوياً ولن يكون من السهل إضعافه.

Georges Malbrunot