- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“العهر” السياسي!

فادي أبو سعدى
لا شك أن القضية الفلسطينية تصدرت ولا تزال الأجندة الدولية في الآونة الأخيرة، بداية من قضية الذهاب إلى الأمم المتحدة وتقديم طلب عضوية فلسطين في مجلس الأمن، ثم قصة نجاحنا في اليونسكو، ولا شك أنها ستبقى كذلك طالما حظيت بهذا الدعم الشعبي الدولي، لكن لا بد كذلك من التوقف عند بعض مواقف الدول خاصة الكبرى منها، التي مارست وتمارس “العهر” السياسي ضد فلسطين.
بريطانيا أولاً، التي تحدث قادتها صراحة بأن طلب فلسطين لنيل العضوية في مجلس الأمن مستوفي الشروط في غالبية جوانبه، لكنهم رغم ذلك قرروا عدم التصويت له، متناسين “وعدهم لليهود من خلال بلفور”، ومواطنهم طوني بلير الذي يمثل الرباعية الدولية، ويبدو أنهم قرروا بأن 63 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي لنا، لم تكف بعد.
أما فرنسا، التي صوتت بالأمس القريب لصالحنا في اليونسكو، والتي أعلن رئيسها ساركوزي لنظيره الأميركي باراك أوباما، بأنه لا يطيق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأنه رجل “كاذب”، ها هو اليوم يعتذر عن فعلته، بعدم التصويت لنا في مجلس الأمن، لكن بطريقة مخزية… أليس هذا “العهر” السياسي بعينه؟
ألمانيا لا تزال حتى الآن تدفع لإسرائيل ثمن حرب هتلر على اليهود، أو ما يسمى بالمحرقة، ولا تزال غير قادرة على رفع رأسها لقول “لا” لإسرائيل!
الغرابة كانت في مواقف كولومبيا، البوسنة والهرسك، وحتى البرتغال التي امتنعت عن التصويت، هذه الدول التي اختار شعوبها أن يأتوا للتطوع في فلسطين ومساعدة أهلها ضد الاحتلال، لكن قادتها اختاروا الاحتلال على الحرية.
لا أعتقد بوجود حاجة هنا للحديث عن الموقف الأميركي، أو بوصف أدق “العهر” الأميركي الذي مورس على غالبية الدول للتأثير على مواقفها ضد “فلسطين”، لتجنب إحراج استخدام الفيتو وظهورهم كمطالبين بالحرية للآخرين، لكنهم ضد حرية فلسطين.
لقد أثبت التاريخ منذ القدم، بأن الشعوب هي التي تنتصر في نهاية الأمر، وها هو التاريخ يعيد نفسه، من تونس، إلى مصر، اليمن، ليبيا، وسوريا، والقادم أعظم، حيث الشعوب قالت كلمتها، ولا مجال لنقاش الشعوب في ما تريده.
إن الشعب الفلسطيني ليس بعيداً عن هذه الشعوب التي رغبت في حريتها ونالتها، فقد جربنا كافة أشكال النضال والمقاومة، والطرق السلمية في مقارعة الاحتلال، ولا بد لنا أن ننجح في وقت ما، لكنه هذه المرة يبدو قريباً، بحكم الظروف التي تعصف بالمنطقة، والتي ستغير وجه السياسة العالمية وتحالفاتها للأبد.