- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

العرب وتاتشر «وامرأة الغد»

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

رحلت مارغريت تاتشر «السيدة الحديدية» التي حكمت بريطانيا العظمى ١١ سنة، أول امرأة تتبوء سدة رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة. عرفت بريطانيا عديد من كبار رجال السياسة من دوق ولينغتون قاهر نابليون إلى ونتستون تشرشل قاهر النازية. وفي تاريخ المملكة عدد من الملكات اللواتي استلمن العرش وراثياً ولم يحكمن لأن الحكم بيد رئيس الوزراء كما ينص الدستور. هكذا كان نصيب الملكة فيكتوريا.
مارغريت تاتشر، ابنة البقال، التي درست وكدحت وصلت إلى القمة رغم كل العقبات التي وضعها «الرجال». عندما استلمت الحكم وجهت سهامها لهم وكأنها أدركت أنها تفتح صفحة جديدة في مسار المرأة نحو المساواة فصاحت من على منبر البرلمان العريق: «إلى رجال الأمس امرأة الغد تحييكم». لم تكن تاتشر «مناضلة حقوق لحقوق المرأة» إذ لم يكن لديها أي شك بقدرات المرأة على منافسة الرجال.
لم تأبه للانتقادات التي وجهت لها «كمرأة» حين أوقفت توزيع الحليب مجاناً على العائلات البريطانية لحصر نفقات البلديات فلقبت بـ «سارقة الحليب». في الصراع السياسي حاول منافسوها في حزب المحافظين إهانتها فوجهوا رسائل للمحازبين «اتركوا هذه العاهرة». مع ذلك انتصرت. أخافوا البريطانيين من «قدرتها» على مواجهة العواصف السياسية والأزمات الدولية، لكنها لم تلتفت إلى هذه الشتائم وحكمت بيد من حديد: طوعت النقابات وكسرت احتكارها ولم تتراجع رغم شهور من الاضرابات العنيفة، وحين «احتك» بها جنرالات الديكتاتورية الأرجنتينية واحتلوا جزر «فولكلاند» عام ١٩٨٢ لم تترد لحظة واحدة وأرسلت الاسطول البريطاني ليخوض حرباً على بعد آلاف الكيلومترات من الجزر البريطانية، وأنزلت بهم هزيمة نكراء ساهمت في انهيار نظام حكمهم.
بنت بريطانيا مجدها وثروتها بقوة السلاح وكانت السياسة البريطانية مبنية على قهر الشعوب واستغلال ثرواتهم. ونحن كعرب لا ننسى وعد بلفور ولا سايكس بيكو واستغلال ثروات الخلية وتقسيم البلاد وإذا نظرنا بعيداً نتذكر سحق الثورة عرابي في مصر ونهب أموال قناة السويس.
ولكن هذه المرأة تدفعنا للقول لمن يمنع النساء من قيادة السيارات ويريد حشرهن في المنازل وراء الشرابيات وتقييد حراكهن برفقة محرم يرافقهن من قيادة الدراجات حتى تصفح أنترنيت، نقول له «ماذا تشكي امرأة عربية مقارنة مع تاتشر؟».
لعل هؤلاء قامعو المرأة يخافون ما قالته تاتشر نفسها عند أول حملة انتخابية لها: «حين تكون المرأة مساوية للرجل تصبح أقوى منه».
هؤلاء يخافون من المرأة فيختبئون تحت جبة العادات البالية والتقاليد. عندما نرى أن نساء قد أينعت في عالمنا السياسي عندها نكون في بداية مسار العودة إلى التاريخ.