- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هل صحيح أن الطاقة النووية أقل ضرراً؟

معمر عطوي
على خلاف العديد من الدراسات العلمية المتعلقة بالمناخ والبيئة على كوكب الأرض، يتجه العالم البريطاني جيمس لفلوك اتجاهاً مثيراً للجدل، وإن كان أقرب للمنطق من نظريات علمية أخرى. ففي كتابه “THE VANISHING FACE GAYA: A FINAL WARNING الصادر في نيويورك، يتحدث لفلوك عن مصادر الطاقة وأيها أقل ضرراً وأكثر جدوىً، ليخلص الى ان الطاقة النووية أقل ضرراً بكثير من الطاقة ة وأكثر فائدة من الطاقة البديلة.
يتابع لفلوك في كتابه، الذي عرّبه سعد الدين خرفان لصالح سلسلة عالم المعرفة في الكويت، بعنوان “وجه غايا المتلاشي- تحذير أخير”، أن الطاقة النووية هي شيء يمكن الحصول عليه خلال خمس سنوات، ويمكنه أن يكفينا خلال الأوقات العصيبة القادمة عندما يتغير المناخ ويحصل عوز في الغذاء والوقود وتغيرات كبيرة في السكان، معتبراً أن الاعتراض الرئيس على بناء فوري لإمدادات الطاقة النووية هو تشريع غير ملائم وُضع من قِبل إدارات سابقة وخوف لا مبرّر له.
ويسوق العالم البيئي الذي لمع اسمه في الستينان من القرن الماضي، دلائل واقعية على عدم خطورة الطاقة النووية مقارنة بغيرها من مصادر الطاقة، قائلاً “هناك الآن أكثر من 442 محطة نووية في العالم تنتج مجتمعة 17 في المئة من كل الكهرباء المُستهلكة، بالمقارنة مع 2 في المئة من الطاقة المتجددة، ومعظمها كهرومائية. ويجعل سجل الأمان والتكلفة والقبول المحلي هذه المحطات الانشطارية أكثر مصادر الطاقة قبولاً”، متسائلا هنا “لماذا نستمر في الخطأ بالقول.. إنها خطرة بامتياز؟
ويعتبر لفلوك أن الجواب على هذا السؤال يكمن في  التضليل الذي وقع فيه البشر “بسلسلة من الأكاذيب”، مشيراً الى أن الحديث عن إصدار الطاقة النووية كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون “هراء”، لأن محطة الطاقة النووية لا تصدر ثاني اكسيد الكربون اثناء عملها على الإطلاق، بل فقط تُصدر كمية صغيرة في أثناء نقل الوقود إلى المحطة، وترحيل النفايات منها.
ويشير الى جدول وضعه في كتابه صادر عن الوحدة الحكومية البريطانية لدعم تقانة الطاقة حول إصدار ثاني أكسيد الكربون بالرطل لكل ساعة ميغاواط من الطاقة الناتجة من محطات الطاقة.
الجدول يوضح أن الطاقة النووية تُصدر أقل كمية من غازات ثاني اكسيد الكربون مقارنة بغيرها من مصادر الطاقة؛ في حين يبلغ معدل الإصدار للطاقة النووية 8,8 رطلاً، تبلغ إصدارات الطاقة الناتجة عن الرياح 17,6 والمحطات المائية 17,6 أيضاً، في حين تصل درجة إصدارات الحرارة الجوفية الى 173,8 رطلاً في الساعة، والغاز 946 رطلاً والديزل 1698 رطلاً والنفط 1822 رطلاً، ليكون الفحم الحجري أكثرها إصداراً للغاز السام حيث يبلغ في الساعة 2101 رطلاً.
وزيادة في البرهنة على رؤيته العلمية يقول صاحب نظرية غايا، إن الحديث عن خطورة النفايات النووية ليس دقيقاً كما تسير به الأمور من تخويف، لأن هذه النفايات تتحلل، والانتاج السنوي من النفايات من محطة طاقة نووية بقدرة ألف ميغاوات لا يتعدى وقود ملء سيارة متوسطة الحجم.
وليكون أكثر منطقية في طرح وجهة نظره يشير لفلوك إلى أن الحديث عن خطر على الحياة والصحة من الانبعاثات الناتجة عن محطات نووية، هو”زعم باطل”، مشيراً الى أن الحادثة الوحيدة المتعلقة بالطاقة النووية السلمية ونتج عنها سقوط ضحايا بعدد كبير هي كارثة تشيرنوبل في أوكرانيا 1986، وقُتل فيها 75 شخصاً، في حين نجد أن حوادث المرور في بريطانيا قتلت خلال عام واحد ثلاثة الاف شخص. ويعطي دليلاً على صحة مقارنته عدد ضحايا المناجم كل عام.
وينتقل الى الحديث عن جدوى الطاقة النووية مقارنة بالطاقة البديلة، مشيراً الى المساحات الشاسعة من الأراضي التي تحتلها المزارع الريحية والتي ستكون على حساب المساحات الزراعية. مؤكداً ان هذه الطاقة ايضاً تحتاج الى الوقود الأحفوري والفحم الحجري حين تتوقف الرياح أو تدفق المياه.
لقد أثار هذا الكتاب جدلاً واسعاً في الساحة العلمية وعلى المستوى السياسي لدى الحكومات التي تتعرض للانتقادات بسبب احتفاظها بمحطات نووية لتوليد الطاقة، لكن يبدو ان وجهة نظر العالم التي قضى وقتاً طويلاً لاثبات صحة دفاعه عن الطاقة النووية، ينبغي ان تكون محل اهتمام وبحث ودراسة.
وفي المحصلة تقوم نظرية الغايا عند جيمس لفلوك على أن “كل الأجزاء الحية وغير الحية من كوكب الأرض تعمل معاً في تناغم لتكون كائناً حياً واحداً” لكن وجود عدد كبير من البشر مع حيواناتهم الأليفة، وقطعانهم وهوعدد أكبر من قدرة الأرض على تحمله. لعل الحل هنا يكون بتحقق نظرية مالتوس حول حصول كوارث تعيد التوازن بين مصادر الإنتاج وعدد البشر لتلائم وجه غايا الجميل.