منذ لحظة اتخاذ الجامعة العربية قراراً بتجميد عضوية سوريا ودعوة المعارضة للتوحد تمهيداً للاعتراف بها، بدا واضحاً ان النظام السوري انتابت اركانه حالة من الصدمة والغضب العارمين، تجلت صورهمها من خلال النقد اللاذع الذي وجهه المندوب السوري يوسف الأحمد، إلى الجامعة وأمينها العام نبيل العربي، وأعضائها، وبشكل خاص قطر.
موقف استتبع بتظاهرات «عفوية»، خرجت في الشوارع السورية، وخصوصاً دمشق، للتعبير عن الغضب من الجامعة وقراراتها، تُوّج بمهاجمة سفارات قطر والسعودية وحتى تركيا، قبل أن تستكمل نوبة الغضب بفتح قناتي التلفزيون السوري والدنيا، المحسوبة على النظام، هواءهما أمام الضيوف لكيل مختلف أنواع السباب والشتائم للدول العربية التي اختارات الموافقة على قرار الجامعة المفاجىء بحق النظام.
إلا أن موجة الغضب هذه، كانت ساعات الليل الطويلة التي قضاها النظام في التفكير بسبل احتواء فصول القرار العربي، كفيلة بتهدئتها. وهكذا مع بزوغ فجر اليوم التالي للقرار، كانت تصريحات النظام السوري أكثر عقلانية، فاستبدل التهديد والوعيد بتأكيد مصدر سوري على أهمية «التغاضي عن الدخول في جدل عقيم حول ميثاقية وقانونية قرار مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري… ومدى تلازم هذا القرار مع أهداف ومبادئ الميثاق الذي كانت سوريا إحدى الدول التي وضعته والذي قامت جامعة الدول العربية على أساسه»، فضلاً عن الدعوة لعقد قمة عربية طارئة مخصصة لمعالجة الأزمة السورية والنظر في تداعياتها السلبية على الوضع العربي، وتأكيد النظام ترحيبه باستقبال وفد الجامعة العربية.
فالقمة، وفقاً لما نقلت وسائل اعلام سورية عن مصدر مسؤول، لا بد منها “نظرا لأن تداعيات الأزمة السورية يمكن أن تمس الأمن القومي وتلحق ضرراً فادحاً بالعمل العربي المشترك”.
أما وفد اللجنة الوزارية العربية، فمرحب بقدومه إلى سوريا قبل السادس عشر من الشهر الجاري، موعد تنفيذ مقرات الجامعة بتعليق عضوية سوريا. ترحيب يمتد ليطال أيضاً، وفقاً للمصدر نفسه، كل من ترى اللجنة انه من الملائم حضوره، «من مراقبين وخبراء مدنيين وعسكريين من دول اللجنة ومن وسائل إعلام عربية، للاطلاع المباشر على ما يجري على الأرض والإشراف على تنفيذ المبادرة العربية بالتعاون مع الحكومة والسلطات السورية المعنية” .
مواقف يبدو أن السلطات السورية لجأت اليها بعدما أيقنت أن التلاعب بالوقت لم يعد في مصلحتها بعد اليوم، ولا سيما بعدما بدت الجامعة أكثر جدية في العمل على تنفيذ مقررات اجتماعها. وهو ما تجلى بشكل واضح باعلان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن الجامعة تعمل على استحداث “آلية” لتوفير الحماية للشعب السوري ووقف نزيف الدم في سوريا.
وقال العربي في مؤتمر صحافي، عقده في طرابلس، مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفي عبد الجليل: “نحن ندرس تقديم تصور لآلية يقبلها الوزراء العرب ويقررونها لتوفير الحماية للشعب السوري”، مشيراً إلى أن المعارضة السورية بجميع أطيافها ستجتمع يوم 15 من الشهر الجاري وستعرض نتائج اجتماعها على المجلس الوزاري للجامعة تماشياً مع مقررات الجامعة العربية التي تخللها تعليق عضوية سوريا في الجامعة.
في موازاة ذلك، فضل العربي تجنب الحديث بشكل تفصيلي عن موضوع اعتراف الجامعة بالمجلس الانتقالي السوري، قائلاً “هذا موضوع آخر واعتقد ربما يكون سابقاً لأوانه”.