- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فلكلور التكاذب الأهلي

زاوية حادّة

حسام كنفاني

جاء ١٣ نيسان. الموعد الرسمي اللبناني للتكاذب الأهلي. في هذا اليوم يرمي اللبنانيون خلافاتهم وصراعاتهم جانباً، ويحيون طقساً فلكلورياً سنوياً من التآخي الزائف، تمجيداً لشرارة اندلاع الحرب الأهلية.
اول من امس اجتمع أبناء الطوائف على خطوط التماس السابقة، قدموا وصلة من “الوحدة الوطنية”. أدى المجتمعون معزوفة “كلنا أخوة”، وانصرفوا تحت رايات “تنذكر وما تنعاد”.
انفض الجمع الودي، وعاد كل من المشاركين للوقوف خلف المتراس الطائفي. لسان حالهم يقول “انه يوم واحد في السنة، لا بأس أن يكون عنواناً لنبذ التفرقة، بينما لدينا باقي الأيام لنقضيها كارهين للآخر، رافضين العيش معه”.
هذا واقع احتفالات ١٣ نيسان اللبنانية. استعراضات وطنية، على وقع استعار نار الفتنة الطائفية في المنطقة وتسللها بقوة الى الداخل اللبناني. خطابات وكلمات تمجد التآخي بينما عمليات الخطف والخطف المضاد تسير على قدم وساق في مختلف المناطق، لأسباب طائفية أو مالية، في مشهد يذكّر بقوة بأيام الحرب. رقصات وحلقات دبكة عابرة للطوائف، في وقت ترتفع المتاريس عالية في طرابلس وصيدا وتزغرد الطلقات حقداً على “الآخر المختلف” سياسياً وطائفياً.
ربما يدرك المحتفلون بذكرى الحرب أنهم اقرب الى استعادة المشهد الاقتتالي من أي وقت مضى، وبشكل ربما أسوأ مما كان عليه. ومع ذلك لا يفوتون فرصة الرقص فوق القبور.
“تنذكر وما تنعاد”. عبارة شاع تردادها خلال اليومين الماضيين. لكل من يعش في لبنان يدرك كم هي الرغبة عميقة، وخصوصاً لدى الأجيال الجديدة، لإعادتها وإنهاء عصر “اللا غالب ولا مغلوب”. هؤلاء، الذين لم يعيشوا مرحلة الحرب الأهلية، يريدون حربهم.
“لكل جيل حربه الخاصة”، قالها قبل سنوات قليلة كاتب صحافي كبير. لم أصدقها حينها وقدرت أن فيها كماً من المبالغة، فلا احد يمكن أن يكون ساعياً لاستعادة مرحلة الاقتتال ومرارتها. لكن الأيام أثبتت صدقه، وان حرباً أهلية جديدة قد تندلع في أي لحظة. مقوماتها السياسية والطائفية موجودة وبقوة. عتادها اللوجستي متوفر بين الأيادي. وسبق ان تم إجراء تمرين عليها في أيار ٢٠٠٨. كل شيء جاهز إذن بانتظار صافرة الانطلاق، عندها لن تنذكر بل ستنعاد، وستسقط كل حفلات التكاذب، عند واقع التشرذم الأهلي.