- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“خلصت” أم “بلّشت”؟

الزاوية الحادّة

حسام كنفاني
منذ بداية الثورة السورية واظب انصار النظام في دمشق على كلمة “خلصت”، أي انتهت. منذ الأشهر الأولى كانوا يضعون مواعيد للنهاية، التي لم تأت، بل زادت حالة الانتفاض زخماً ودخلت مدن جديدة إلى خريطتها. ومع كل تطوّر مفصلي في مسار الثورة، كان هؤلاء، وخصوصاً اللبنانيون منهم، يسارعون إلى تقديم أطروحات تفسير للنهاية التي يتخيلونها، والتي أيضاً يبدو أنها لا تزال بعيدة.
اليوم قد تكون الأمور “خلصت”، لكن ليس بالمفهوم الذي كان يروج له أنصار النظام. فمرحلة الأشهر الاولى من الثورة عملياً، دخلت في مرحلة جديدة مع الدخول العربي المباشر على خط الأزمة عبر قرارات عزل النظام في سوريا، بعد المناورات الكثيرة التي قام بها في الأيام التي تلت إصدار المبادرة العربية لحل الأزمة. مبادرة كان من الممكن، لو أنه تم التعاطي بشكل جدي معها أن تؤدي بالأزمة إلى النهاية. لكن نهاية لا يريدها النظام في سوريا، ولا سيما في حال تم فعلياً سحب الجيش من المدن، الذي كان من الممكن ان يؤدي إلى زخم إضافي في التظاهرات في المدن المنتفضة، وهو ما تم تسريبه على لسان مسؤولين سوريين لنظرائهم الروس.
المبادرة العربية لم تمت نهائياً بعد، لكنها في مرحلة لفظ الأنفاس الأخيرة مع محاولة النظام في سوريا شراء مزيد من الوقت عبر الدعوة إلى عقد قمة عربية طارئة وفتح أراضيها للخبراء والإعلاميين العرب. محاولة يدرك العارفون ببواطن الأمور أنها تسعى إلى تأجيل الصدام مع العرب علّها تفلح في حسم الأمور عسكرياً، ولا سيما أنها تروّج لبقاء “بؤر صغيرة” في مناطق متفرقة”.
الوقت يضيق بالنسبة إلى النظام، وخصوصاً أن المهلة المعطاة، والتي لا تتجاوز الأيام الثلاث مترافقة مع ترتيبات عربية لمرحلة ما بعد حكم الأسد، سواء عبر دعوة الجيش ضمنياً إلى الانشقاق، أو مع التحضير لتوحيد المعارضة لتجهيزها للحكم في ما بعد، وهي خطوة غير مسبوقة بالنسبة إلى الفعل العربي.
المسار الجديد من التطورات يؤشّر إلى أن الثورة السورية دخلت في مرحلة أخرى من التصعيد الذي سيمدّ من عمر الأزمة ويأخذها في قنوات دولية بغطاء عربي، في تكرار للسيناريو الليبي، مع اختلاف الظروف وما ستؤول إليه الأمور.
بناء عليه، من الواضح ان شعار “خلصت”، الذي نظمت سوريا مسيرات من أجله، بعيد عن الواقع، ومن الأفضل استبداله بشعار “بلَّشت”، وهو تعبير عاميّ آخر يؤشر إلى أن الأمور اليوم دخلت في بداية جديدة من غير المعروف أين ستنتهي.