- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحريري على تويتر: خطوط حمراء لمستقبل أزرق

إميلي حصروتي ـ خاص “أخبار بووم”
منذ استلام رئيس حكومة لبنان السابق سعد الحريري لمقاليد حسابه على “تويتر”، بدا جليا أن الرجل مصمّم على أن يتكلّم في كل شيء وعن أيّ كان. فبعد إعلانه غير المتوقّع عن دعمه لترشيح رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع لرئاسة جمهورية لبنان، ظنّ الجميع انه بات لا محظور سياسياً على سعد الدين الحريري وأنه اختار التحرّر من نير الأعراف التي حكمت سياسته حتى اليوم، ولكن هذا في الظاهر فقط. فقد أثبت لقاؤه ليل أمس مع متابعيه أن هناك مواضيع وأسماء وكيانات لا تحتمل رشاقة الردّ عبر “تويتر” وإنما تحتاج لتفكير بارد يحسب له ألف حساب.
موقع “أخبار بووم” قرّر أن يدق باب تجربة سعد الحريري الجديدة مع “تويتر” ولكن يبدو اننا اخترنا بابا ملتهبا كان يفضل رئيس وزراء لبنان السابق أن يبقى مقفلا.
أخبار بووم: هل أتيحت لك الفرصة للاجتماع بولي العهد السعودي الأمير نايف لوحدك؟ ماذا قال لك؟
سعد الحريري: نعم.
أخبار بووم: سيدي أرجوك، سؤالي هو: ماذا قال لك الأمير نايف خلال لقائكما؟
… لا جواب. ظننا أن ضغط الأسئلة هو الحائل بين سؤالنا والجواب، فأعدنا صياغة السؤال ليلفت انتباهه.
أخبار بووم: رجاء أبو حسام، ماذا قال لك الأمير نايف عندما التقيتما؟ جملة ما مثلا أو كلمة؟
و هنا جاء الرد سريعا جداً وحاسماً:
سعد الحريري: هل سمعتموني يوما أتحدث عما أتكلم به مع رجالات الدولة؟
للحقيقة، طيلة متابعتنا لتغريدات سعد الحريري لم يبدُ مرة بهذا الاقتضاب أو الحذر، وقد أضاف جوابه الذي صاغه في سؤال هوة بيننا وبينه تتناقض مع سائر أجوبته. فبينما عمد على الإلتقاء مع طارحي الأسئلة عليه على نفس الأرضية، بل احيانا مبالغا في البساطة، إلا أن سؤالنا هذا أعاده إلى فوقية منصبه وحثّه على رفع دفاعاته كلها وكأنما لمسنا منطقة ألم حساسة لديه لا تحتمل العبث بتاتا.
أزمة الرئيس السابق لوزراء لبنان مع الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، طفت إلى الإعلام في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي، حين بثت قناة “الجديد” التلفزيونية اللبنانية ضمن ما عرف بالـ “حقيقة ليكس”، تسجيلاً صوتياً لإفادة أدلى بها سعد الحريري للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وقد شبّه الحريري الإبن في هذه الإفادة بين اللواء آصف شوكت صهر الرئيس السوري بشار الأسد وبين الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية في المملكة العربية السعودية في الأسلوب القمعي للإثنين، ما أثار موجة استياء عارمة على أرفع مستويات الدولة السعودية ضد سعد الحريري.
ترافق بثّ تسجيل “حقيقة ليكس” هذا مع أكثر من ضربة سياسية موجعة تلقاها الحريري من خصومه وحلفائه أدّت الى سقوط حكومته الأخيرة واختيار نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة بدلاً منه، نتيجة خسارته للأكثرية النيابية، فكثرت يومها الاستنتاجات القائلة إن السعودية لم تتدخل للضغط على الرجل السني الثاني في لبنان للتراجع عن ترشيحه لرئاسة الحكومة إمعاناً منها في معاقبة سعد الحريري للخطأ الذي بدر عنه. وقد ترافق الموضوع مع أزمة مالية عرفتها مجمل شركاته، ردّها البعض إلى تجميد حسابات ومنح كانت تخصصها المملكة السعودية له.
لم يكن السؤال عن ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز الوحيد الذي جوبه باقتضاب الحريري، بل اسئلة كثيرة اقتضت منه المرور سريعاً عليها كسؤال أحدهم: “ما موقفكم من المفتي قباني وهل حان وقت انتخاب مفتي جديد قادر على تمثيل السنة؟”، فأجابه سعد الحريري أنه سبق أن أجاب على هذا الموضوع بأنه سيتكلم فيه حين عودته إلى لبنان.
تفاعل سعد الحريري مع متابعيه على “تويتر” تجربة تستحق المتابعة، ففي العالم الافتراضي الذي يجمعه بمتابعيه، الذين بلغ عددهم أكثر من 28 ألفاً، انكسرت الكثير من الحواجز والشكليات، كثر يكتشفونه للمرة الأولى ويبدون إعجابهم بحيويته وبعمق ما يشعر به تجاه الأحداث من حوله، وآخرون لم يتوانوا عن طلب الخدمات منه مباشرة. ما لا يخفى على أحد هو أننا نشهد هنا على استراتيجية إعلامية حديثة بأهداف محدّدة غايتها تعويم الحريري شعبيا بانتظار استحقاقات كثيرة ستشهدها المرحلة المقبلة، ولكن حذار من التبسيط، فظهور سعد الحريري على “تويتر” مهما تحرر من ثقل السياسة التقليدية يبقى استراتيجية مقفلة ضمن حدود لا تقبل الجدل.