- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المقاومة بين ” النصرة ” و” الجهاد ”

نجاة شرف الدين

منذ بداية الأحداث في سوريا  في آذار من العام 2011 , إنقسم اللبنانيون بين مؤيد للنظام السوري وداعم له ، وبين مؤيد للمعارضة وداعم لها ، وإنتقل الصراع الدائر عسكريا على الأراضي السورية ليكون صراعا سياسيا وأمنيا أحيانا على الساحة اللبنانية . هذا الخلاف اللبناني على الملف السوري ظهر بشكل واضح بين فريقي 14 و 8 آذار وبشكل مباشر بين تيار المستقبل المعبر صراحة عن دعمه للمعارضة السورية  وحزب الله المعبر والمشارك في دعم النظام .
موقف تيار المستقبل الذي إعترف بتقديم  مساعدات إنسانية للسوريين ،  لم يكن جديدا ولا مستغربا خاصة بعد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005 وإتهام النظام بتنفيذ الإغتيال ، إلا أن ما بدا لافتا وخصوصا في الفترة الأخيرة هو دخول حزب الله ليس كطرف داعم في السياسة فحسب وإنما في القتال العسكري الى جانب النظام وسقوط العديد من الضحايا ممن يفترض ان يستشهدوا دفاعا عن الأرض اللبنانية وفي مواجهة الإحتلال الإسرائيلي .
موقف حزب الله المدافع عن النظام وبغض النظر عن توصيف أو تصنيف ما يحصل في الداخل السوري ، إذا كان قتالا ضد ” الإرهابيين”  أو ” الجيش السوري الحر”  أو  جبهة ” النصرة”  وإن كان دفاعا عن قرى في الجانب السوري ويقطنها لبنانيون  شيعة بمعظمهم وهو يقاتل دفاعا عنهم ولحمايتهم في أرضهم ، أو كان حماية للمقامات الدينية كمقام السيدة زينب في دمشق ، فإن مجرد الدخول في المعركة طرح إشكالية كبرى ونقاشا ، إن في البيئة ” الحاضنة ” للحزب أي الطائفة الشيعية أو على مستوى الوطن في النظرة للمقاومة ، سيما وأن الجرح الذي فتح في السابع من أيار في العام 2008  لم يختم بعد ، وبالتالي فاستخدام رجال المقاومة في صراع هناك إنقسام في الشارع اللبناني حوله ، سيجعل إمكانية التفاهم الداخلي أصعب وبالتالي تخسر المقاومة مجددا في الشارع الداخلي وتزيد من الإحتقان في ظل محاولة من عدد من الإطراف السياسية لتحييد لبنان عن ما يدور في سوريا وهو ما بات يعرف تحت عنوان ” النأي بالنفس ” .
مما لا شك فيه ان سوريا كانت الداعم الأساسي إضافة الى إيران لحزب الله في تكوين ترسانته للأسلحة والتي سمحت له بقتال إسرائيل في العام 2006 مدة 33 يوما حتى تم التوصل الى وقف لإطلاق النار برعاية دولية ، ومما لا شك فيه أن ما يحصل في سوريا ينعكس بشكل مباشر على موقع حزب الله وأن مستقبل سوريا سيؤثر على مستقبل حزب الله في لبنان ، إلا أن خطوة الحزب في القتال في منطقة القصير على الحدود اللبنانية السورية وفي الداخل السوري تحت عنوان “الجهاد ” دفاعا عن المقامات الدينية ، ووصول القصف من الداخل السوري الى مناطق لبنانية من المعارضة السورية ولا سيما في الهرمل ، وقد عبر النائب نوار الساحلي عن إستياء أهالي المنطقة من التعدي عليهم لافتا الى أن ” جبهة النصرة والجيش السوري الحر يكذبان بشأن وجود مجموعات من حزب الله تقاتل الى جانب الجيش السوري . وكل ما في الأمر والذي أصبح يعرفه الجميع أن هناك لبنانيون يقطنون في القرى السورية الحدودية يدافعون عن أنفسهم وعن أرضهم وعائلاتهم ولا يتدخلون في المعارك التي تجري هناك ” .
هذا الموقف كان سبقه بيان تهديدي صدر عن المجلس العسكري في القصير وجبهة النصرة أعلن فيه عن نقل ” معركة الدم الى قلب لبنان وقصف  منطقة الهرمل والقرى المحيطة بها وإستهدافه بالدبابات بعد مشاركة حزب الله بالمعركة في سوريا  ” . البيان الذي طلب من اللبنانيين الإبتعاد عن أماكن إنتشار عناصر حزب الله ، أشار الى أنه سيتم تحريك العناصر التابعة للجيش الحر داخل لبنان لبدء أعمال عسكرية نوعية .
تقدم حزب الله خطوة الى الإمام وتراجعت المقاومة خطوتان الى الوراء ، ففي ظل الموقف الحرج الذي يعيشه الحزب داخليا نتيجة إنخراطه في المعركة السورية ، فيبقى السؤال مطروحا بين قتال ” النصرة ” والجهاد  دفاعا عن المقامات الدينية ، المقاومة الى  أين ؟