حالة من القلق تسيطر على الشارع الاردني بعد تصريحات اطلقها الملك عبد الله الثاني، طالب خلالها الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي من اجل “مصلحة بلاده”، قائلاً، في حديث مع هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية “بي بي سي”: “اعتقد اني كنت ساتنحى لو كنت مكانه، وأتأكد ان الذي سيخلفني لديه القدرة على تغيير الواقع الذي نراه”.
هذه التصريحات قسمت الشارع الردني بين مؤيد ومعارض لها، فبدأت التسريبات تجد اصداء، ابرزها مطالبة الحكومة الاردنية بسحب سفيرها في دمشق، وطرد السفير السوري من عمان. وتعكس هذه المطالب انقسام الشارع الاردني، باحزابه وحراكاته السياسية اليسارية والقومية والاسلامية وحتى العشائرية.
وفي سياق متصل، وفي سابقة هي الاولى من نوعها، رفع مكتب قناة “الجزيرة” القطرية دعوة قضائية على مجموعة من الكتاب والباحثين والسياسيين على خلفية الاعتصام الذي نُظم امام مكاتبها، وشهد اشتباكاً بالايدي مع المحتجين ضد السياسة الاعلامية لقناتي الجزيرة والعربية، المؤيدين للنظام السوري والمطالبين الاعلام بتوخي الدقة والصدق في نشر المعلومات حول ما يجري من احداث في سوريا.
وقد اعتبر مراقبون ان “تصريحات الملك عبد الله الثاني نُزعت من سياقها”، مدافعين عنها على انها “لا تستهدف الرئيس السوري، بل كانت جواباً افتراضياً”. لكن “الاحداث التي يعيشها الشعب السوري طوال الاشهر الماضية، مطالباً بالاصلاح، ليست افتراضيا”، بحسب مراقبين اخرين.
و أطلق الناطق باسم الخارجية الاردنية محمد الكايد تصريحات نفى خلالها ما تردد من انباء عن “رفع العلم السوري وعلم حزب الله على مقر السفارة الأردنية”، كما نفى اقتحام مقر السفارة، مشيراً إلى أن ثلاثة أشخاص، من المتظاهرين أمام مقر السفارة، تسلقوا سور السفارة الأردنية وأنزلوا العلم الأردني.
تسريبات عديدة تؤكد ان الاردن لن يتخذ اي اجراء دبلوماسي او سياسي بحق سوريا،
مثل سحب السفير، او التصعيد ضد النظام على المستوى الرسمي في مختلف المجالات. وتشير التقارير الى تحويلات مالية سورية الى الاردن، اضافة الى نزوح عائلات ورجال اعمال سوريين الى عمان، وارتفاع اسعار العقارات في بعض المحافظات شمال المملكة بعدما سكنها سوريون، الى جانب استعدادات لاقامة مخيمات لجوء قرب الحدود وتدريب فرق اردنية على التعامل مع هذه الحالة.
واعتبر مراقبون ان زيارة مساعد وزير الخزانة الاميركي دانييل جلاسر الى الاردن مؤشر واضح على بدء مرحلة جديدة من فرض عقوبات. فالزيارة في مجملها تهدف الى إطلاع المسؤولين الأردنيين على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية والإتحاد الاوروبي على النظام السوري، ومناقشة محاولات محتملة من الحكومة السورية لتجنب هذه العقوبات، وذلك من خلال القطاع المصرفي الاردني .
وتقود الحركة الاسلامية، المتصدرة للمشهد السياسي المعارض على الساحة الاردنية، الاحتجاجات ضد السفارة السورية في عمان مع عدد من النشطاء والقيادات الاردنية التي طالبت الحكومة الاردنية بالمسارعة الى سحب السفير الاردني من دمشق تنفيذاً لقرارات الجامعة العربية.
وقال رئيس مجلس شورى جبهة العمل الاسلامي، المهندس علي ابو السكر، إن “المصلحة الاردنية تتجسد في الوقوف الى جانب الشعب السوري الذي يتعرض لابادة جماعية”، لافتاً الى ان “الشعب السوري هو الباقي، والنظام الى زوال”.
ولفت ابو السكر الى ان الاردن “مطالب بموقف مبدئي يتوافق مع حق الشعوب بالحرية والكرامة، وانه معني بموقف مبادر، اذ ان الشعب الاردني تربطه بشقيقه السوري عدد من الروابط، الى جانب كونه جاراً ملاصقاً، وبذلك فلا يقبل ان تقف الحكومة الى جانب النظام السوري على حساب شعبه الذي يُذبح”.
ونوه ابو السكر الى ان النظام السوري “فقد شرعيته بقتله ما يزيد عن 3500 مواطن سوري، وبات لا يجد وسيلة للخروج من المأزق الا من خلال المزيد من العنف”. واعتبر ان النظام السوري “فقد عقله، وبات يعد ساعاته الاخيرة، لذا فمن مصلحة الاردن دعم الشعب السوري”، مؤكداً أن “سحب السفير الاردني من دمشق يتناغم مع رغبة غالبية الأردنيين، فلا مناص للحكومة من اتخاذ مثل هذه الخطوة ان كانت بالفعل تمثل ارادة الاردنيين”.
