- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حروب باردة… ساخنة

Najat2013نجاة شرف الدين
كانت لافتة زيارة الموفد الرئاسي الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف الى لبنان ولقاءاته مع كافة الأطراف السياسيين ، من قوى الثامن والرابع عشر من آذار ، وإختتامها بلقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ، وتأكيده ثبات الموقف الروسي بالنسبة لسوريا كما دعوته اللبنانيين للإسراع بتشكيل حكومة جديدة والحفاظ على الإستقرار . بوغدانوف الذي أمضى ثلاثة أيام في العاصمة اللبنانية  وأجرى أكثر من ثلاثين لقاء مع مسؤوليها  ، نفى أن يكون كشف في بيروت عن تغير في الموقف الروسي من الأزمة السورية.
المسؤول الروسي الذي حرص على لقاء سياسيي ورجال دين أرثوذكس وأكد على أهمية الوجود المسيحي في المنطقة قال  ” إنه أكد لجميع الأفرقاء اللبنانيين الذين التقاهم ثبات الموقف الروسي الداعي لاعتماد وثيقة جنيف أساسا للتسوية السياسة في سوريا.وشدد،على أن مصير الرئيس السوري بشار الأسد شأن سوري داخلي” .
هذه الزيارة الروسية والإهتمام الروسي في الشأن السياسي اللبناني ، لا يمكن قراءتها بمعزل عن التطورات في المنطقة كما عن الدور الروسي الجديد والمستجد فيما يتعلق بحصة الروس ونفوذهم في المنطقة لا سيما بعد دخولهم بشكل مباشر في سوريا ودور لبنان وأطرافه السياسية بما يجري على الأرض السورية .
منذ بداية الأزمة السورية ، راهن العديد من المراقبين والمحللين على تغيير في موقف روسيا تجاه سوريا ، وذهب البعض الى إعتبار أن موسكو تنتظر السعر المناسب من أجل إجراء تسوية مع الأميركيين والتخلي عن النظام السوري ، إلا أن التطورات أثبتت أن الموقف الروسي ” إستراتيجي ” بالدرجة الأولى وينطلق من مسألة وجود ونفوذ للروس الى جانب محور دول البريكس التي شعرت بمحاولة إقصاءها عن التغيرات التي تشهدها المنطقة في ظل الثورات العربية ، إضافة الى الخوف الروسي الذي لا يزال قائما من الإسلام المتطرف بوجوه ” النصرة ” و ” القاعدة ” وغيرها ، وهي تلتقي في هذا الجانب مع الأميركيين ، خاصة بعد تفجيرات بوسطن الشيشانية.
إستحضرت الحرب في سوريا مختلف الصراعات الدولية ، ودخلت عناصر عدة لتشكل حروبا ولو باردة بين أطراف دولية وإقليمية وعربية ، وإختلطت الأوراق بين الحروب الداخلية والتي بدأت تأخذ أبعادا طائفية يمكن ان تشكل تهديدا لدول الجوار خاصة في العراق الغارق في أزمته الحكومية وإنفجاراته اليومية  ولبنان الذي يعيش على إيقاع الميدان السوري في ظل أزمة نازحين وجهاديين وما بينهما حكومة متعثرة التشكيل  وصولا الى الأردن الساكن في الهاجس الإسلامي والنازحين والتهديدات للنظام وليس بعيدا عن تركيا . وحدها إسرائيل ، وعلى رغم طلب رئيس وزراءها بنيامين نتانياهو من مسؤوليه عدم الإدلاء بتصاريح تتعلق بالتطورات في سوريا ، على خلفية الإتهامات التي وجهتها الإستخبارات الى النظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية ، وحدها بقيت بمأمن حتى ولو حلقت طائرة لم يعرف مصدرها فوق حدودها.
هي حروب لا تزال باردة حتى الآن ، رغم سخونتها على الأرض السورية ، وهي تهدد في حال إستمرارها وعدم التوصل الى تسوية سياسية ، بتوسعها ووصول شظاياها وخاصة الطائفية منها الى خارج الحدود السورية . فهل تتحول الحرب الباردة الى ساخنة في حال فشل التوافق الأميركي الروسي ؟ ودائما على الأرض السورية …