بيروت- ديانا الزين
في غرفة عادية في فيلا مختبئة بين أشجار الزيتون، في «ساحة الكنائس» على طريق جعيتا، «يسكن» الدكتور جميل زغيب محاطاً بأدوات طبية تبدو وكأنها لا تزعجه البتة، رغم أن المرض أقعده في السرير إلا أن هذا الوضع أعطاه أيضاً قدرة عجيبة، فقط أصبحت تلك الغرفة «بيت» لا يبارحه ويتوجه عبره الى تلامذته ومحبيه وكل من يتواصل معه، وهم عديدون، يتواصون معه للأستفادة من خبرته الطويلة في مجال طب الأطفال.
في سنة ٢٠٠٨، بدأ المرض يغزو جسد الدكتور زغيب، طبيب الأطفال الناجح. وبدأ مرض الـ( اي ال اس ) في يده، ومن ثم امتد إلى كامل جسده في الفترة المتدة حتى ٢٠١١.
في البداية، وكنتيجة طبيعية للصدمة التي تلقاها زغيب، نقم على المرض وغضب من تعثر حظه، ومر بحالة من الرفض القاطع لتلك الحالة، إلى أن قرر أن يتغلب عليها، فقام بما يسمى بـ«قسطرة القصبة الهوائية والمعدة».
اعتبر الدكتور الزغيب أنه يجب أن يتقبل حالته تلك، وأن يخلق من حالته المرضية منطلقاً لمساعدة الآخرين. فقام بوضع كتابين، الأول عبارة عن سيرة ذاتية باللغة الفرنسية وقد ترجم الى اللغة العربية وثم الأنكليزية، والأخر، باللغة الفرنسية أيضاً ويتناول اختصاصه- أي صحة الأطفال – مع إرشادات للأهل بطريقة سهلة وممتعة.
وهو الآن بصدد كتابة رواية ، التي يعتبر أن «كتابتها أصعب لضرورة اختلاق الأحداث وليس فقط استحضرها من الذاكرة او من خلال المعلومات المتراكمة عن الموضوع».
لا يتوقف حلم الدكتور زغيب هنا.
بل قرر وبما أنه أمام تحد كبير، فقد قرر المضي في المقاومة.
فاعتبر الدكتور زغيب ان ما حصل معه لم يحصل إلا ليكون عبرة «فالله يسبب الأسباب» كما يقول. ورأى زغيب أن لديه رسالة عليه أن يوصلها: رسالة في الأمل والايمان وحب العطاء، وأن يترجمها بالرغبة في الحياة. بالنسبة اليه ،هذه هي مفاتيح السعادة التي بانت له بعد المرض.
لم يتوقف الدكتور زغيب هنا، بل أنشأ حساباً على الفيسبوك، يقدم عبره نصائح مجانية للاهل، ونصائح للذين فقدوا الأمل.
يقضي الدكتور جل أوقاته يومياً بقراءة الجرائد والرسائل التي تصله. وينزل الكتب الألكترونية التي يقرأها لمتابعة انفتاحه على ل جديد. يستمع الى الموسيقى ويقول «أطرب لسماع فيروز وزياد وأميمة الخليل». كما أنه «يتسلى» بالألعاب الألكترونية التي «تقتل الوقت».
ولكن الدكتور زغيب «يخرج من غرفته عبر سكايب» إذ أنه يعطي محاضرات في بعض الجامعات من خلال حسابه على موقع التواصل هذا. مثلاً في «سيدة المعونات في جبيل» يقدم محاضرة كل نهار جمعة. اعطي شهادة عن ظروف حياته في مؤتمر للطب الداخلي أقيم في 3 نيسان في «أوتيل الرويال».
وحياته العائلية؟
زوجته ترى فيه «الحب والأمل»، فهو دائما يمد محيطه بالأمل وبالمعنويات «ولا يشتكي ابداً».يريد أن «يعلم أولاده عدم الاستسلام مهما كبرت صعوبات الحياة».
ينهي دكتور زغيب لقاءه مع «برس نت» بكلمات حكيمة فيقول:«الحياة جميلة بالرغم من مشاكلها.السعادة نكتشفها مع المعاناة وعلينا ان نتفتش عنها كالشعلة في الظلام».
يتمنى دكتور زغيب أن يستلم تعليم «مادة ثابتة في احدى الجامعات» ويقول «نحن في عصر التكنولوجيا فهل من جامعة لديها الشجاعة لتستعين بخبرتي» كما يحصل في جامعات شهيرة في إشارة إلى «ستيفن هوبكنز»، وتجعله من افراد هيكلها التعليمي؟