كتب – بسّام الطيارة
عادت مسألة الأسلحة الكيميائية إلى واجهة الحدث السوري. ولكنها تعود بشكل «متهور ومتخبط» ما يجعل الشكوك تدور حول حقيقة حصول استعمال للسلاح المحظور، أكان من قبل النظام أم المعارضة. إلا أن هذه الفوضى والتخبط في «حياكة نسيج استعمال الكيميائي» تدل إما على عدم توافق بين الفرقاء في حال كان المطلوب نسج قصة تشبه قصة أسلحة الدمار الشامل في العراق، أو تشير إلى «عجلة» البعض لاستعمال الكيميائي لتغيير الموقف الأميركي المتردد من التدخل في سوريا أي ما أسماه باراك حسين أوباما بـ «الخط الأحمر»، وفي مقدمة هؤلاء إسرائيل.
يقول خبير غربي إن توجيه الاتهامات باستعمال الكيميائي هو سهل جداً بخلاف النووي، إذ يكفي الحصول على عينات كيميائية وهي متوافرة لأي «ملم بعمل المختبرات» بعكس النووي الذي يتطلب معدات معقدة، ونشرها في منطقة ما ثم أخذ عينات ورسالها إلى الجهات المختصة. أضف إلى أن «القنابل الكيميائية» بعكس ما يقال «متوفرة في السوق السوداء». من هنا التلبك الحاصل إذ يمكن للمعارضة للحث على تدخل أجنبي أو لتسريع حصولها على تسليح غربي قد رمت بمقذوف أومقذوفتين في مناطق خالية وأصابت بالخطأ بعض المواطنين لتوجيه اتهامات للنظام السوري، كما يمكن أن يكون الجيش السوري قد استعمل قذيفة كيميائية في لعبة من الصعب تفسير أهدافها.
إذ أن كل الأجهزة الغربية والإسرائيلية تقول إن «النظام ممسك جيداً بمخازن الأسلحة الكيميائية»، ويضيف مصدر فرنسي لـ« برس نت» إن تحليل المخابرات الفرنسية «تشير إلى أن نظام بشار الأسد في وضع حرج نوعاً ما إلا أنها لا تدل على أنه وصل إلى مرحلة اليأس ليقذف بقنابل سيرين أو VX كيفما كان». ويضيف المصدر بأن «سبب صمت الدوائر في باريس هو أنه من الصعب جداً تأكيد استعمال الأسلحة الكيميائية». ويشرح في هذا المجال بأن «بروتوكولات البحث عن أثر كيميائي معقدة جداً ومحددة بشكل صارم» وبالتالي «لا يمكننا الاعتماد على ما يقال هنا وهناك وعلى الاتهامات المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي».
ويؤكد مصدر أخر أن مختبرات الأجهزة الفرنسية جدت آثار مادة «سيرين» (sarin) و«إبيريت» (yperite) على عينات وصلتها … من الأجهزة البريطانية ما ينزع عنها كل حيادية علمية. ومن هنا رفض الأجهزة الفرنسية تأكيد مسألة استعمال السلاح لسبب بسيط يقول المصدر وهو «إننا لا نمتلك أي أدلة».
ويتفق المراقبون على أن «مسألة الكيميائي تغوص في كمٍ من سوء النوايا وخفايا خطط متناقضة لجميع الأفرقاء من معارضة إلى نظام مروراً بالقوى الإقليمية» التي تلعب دوراً في خلط الأوراق.
من هنا ينتظر أن ينتقل ملف الكيميائي من «اتهامات الاستعمال إلى اتهامات التسريب» وهي على أربعة مسالك ١) إتهامات إسرائيل بتهريب هذه الألسحة إلى حزب الله ٢) التلويح الإسرائيلي بإمكانية وضع الكتائب الجهادية مما قد يستدعي تدخلاً لمنعه، ٣) اتهامات بدأت تظهر بإمكانية أن تكون تركيا وراء توريد «بعض العينات» لحشر النظام في زاوية العقوبات الدولية، ٤) تهامات للكتائب الجهادية بالحصول على عينات من … ليبيا. وفي المسلك الأخير تفنيد لتخوف إسرائيل من وقوع هذه الأسلحة بيد السلفيين.