- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

” حرب السنتين ”

Najat2013نجاة شرف الدين
في بداية الحرب الأهلية اللبنانية التي إندلعت في الثالث عشر من نيسان 1975 ، لم يتوقع أحد أن تستمر خمسة عشر عاما ، وتنتهي بما إنتهت إليه عبر إتفاق الطائف ، ومئة ألف شهيد ومئات آلاف الجرحى ، وبعفو عام عن جرائم الحرب . في ذلك الوقت ، وبعد سنتين  من إندلاع المعارك عبر خطوط التماس التي رسمت ما بين ” شرقية ” و ” غربية ” أي في 21 أكتوبر عام 1976  تفاءل كثيرون بعد مؤتمر الرياض ومع إعلان وقف لإطلاق النار بإنتهاء الحرب وإرسال قوات الردع العربية  . إلا أن الحرب عادت وتجددت ودخلت عناصر خارجية وداخلية عدة بعدها من مبعوثين دوليين وعرب وإمتدت لسنوات طويلة ولم يبق من ذلك المؤتمر سوى ما بات يصطلح على تسميته ب ” حرب السنتين ” .
هذه الحرب بتشعباتها وحتى بمصطلحاتها يبدو أنها دخلت قاموس الأحداث في سوريا ، فبعد سنتين على بداية الحرب في المناطق السورية ومقتل 80  ألف شخص وتشريد ملايين السوريين وتدمير قرى ومدن عدة ، بدأ الحديث عن الحاجة الى حلول سياسية وعن مؤتمر يجمع المعارضة والنظام بتنظيم وترتيب  روسي أميركي ، وعلى الرغم من الخلافات العميقة بين الطرفين ودخول قوى ودول وعناصر عديدة على الملف السوري وتحولها الى ساحة لتصفية الحسابات العربية و الدولية ، ولكن على الأرض السورية ، كما حصل في لبنان سابقا ، إلا ان البعض يحاول اليوم أن يرسم صورة متفاءلة لمستقبل هذا البلد  ، من خلال بعض الأجواء أو اللقاءات لرعاة الحرب الدائرة ، وهو ما بدا واضحا في كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد لقاءه نظيره الروسي ، حيث ركز على ” جنيف 2 ” كما كلمة  وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل التي إعتبر فيها أن “الحلول لمشاكل الشرق الأوسط خصوصاً النزاع في سوريا أو آفاق حصول إيران على السلاح النووي هي “سياسية وليست عسكرية”.
هذه الأجواء الدبلوماسية والسياسية الداعية الى حلول على قاعدة جنيف أي مرحلة إنتقالية ، والتي تشترط المعارضة عدم مشاركة  الرئيس السوري بشار الأسد فيها ، تترافق مع إستمرار المعارك على أكثر من محور ، وهو ما يسبق الحوار عادة من أجل تحسين شروط التفاوض ، وهو أيضا ما كان يحصل عند زيارة الموفدين الدوليين الى لبنان خلال الحرب الأهلية من أجل نقل الشروط والشروط المضادة من الطرفين للتوصل الى نقاط مشتركة قبيل إجتماعات شبيهة في جنيف ولوزان .
التحضيرات هذه على المستوى السياسي والعسكري ، تزامنت أيضا مع دخول إسرائيل على خط المعارك عبر الغارات التي شنتها ، وهي كانت دخلت أيضا على خط الحرب في لبنان عبر إجتياحي العام 1978 و 1982 وما رافقها من تغييرات في المعادلات الداخلية حينها بين الحركة الوطنية والقوى الفلسطينية مقابل اليمين السياسي المتمثل وقتها بالكتائب والقوات اللبنانية .
عاش لبنان خمسة عشر عاما من الحرب الأهلية  دون أن يعرف لماذا بدأت وكيف إنتهت سوى القرار الدولي ببدايتها وتوقيت النهاية ، وسوريا تعيش اليوم فصولا عديدة مشابهة ، فهل تكون حرب السنتين السورية مختلفة عن حرب السنتين اللبنانية ؟ أم يرفض التاريخ إلا أن يعيد نفسه ؟