مصر “خوفو” و“حوروس” و“إيزيس“، مصر النيل، “أم الدنيا“، وقعت على ثورة لطالما انتظرتها أجيال سابقة، وتشوقت إليها وأوغلت في ذكراها. أكثر من ثلاثة ملايين من المصريين، كتلة واحدة غير مجزّأة، اتخذوا الساحة سكنهم الروحي، صائغين مبدأ “فيمالاكيرتي“، وكأن لسان حالهم يردد “نحن كل في واحد“، مرتلين عبارات نجيب سرور: “لا حق لحي إن ضاعت في الأرض حقوق الأموات، لا حق لميت إن يهتك عرض الكلمات… فالكلمات مسالك“، تسلك فيها شعارات الثورة الفرنسية وتغيرها من “حرية، ومساواة وأخوة” لتصبح “حرية، وكرامة وعدالة اجتماعية“، فالأخوة والمساواة لا تكتملان إن غابت العدالة الاجتماعية. فطوبا لمن كان مزعزع قيمها…
الحديث عن الثورة المصرية يطول، فكم سالت فيها الدماء وخطتها الأقلام ونطقت بها الألسن… “مصر، من ثورة لأخرى“، هو الكتاب الذي سيصدر يوم الجمعة 18 تشرين الثاني/ نوفمبر لعلي السمان، مستشار الرئيس أنور السادات سابقاَ، ورئيس لجنة حوار الأديان في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، عن دار “روشيه” الفرنسية للنشر.
يلقي الكاتب نظرةً واسعة على الثورة المصرية التي تصدرت الساحة العالمية، ويطرح تساؤلات عن المسار الذي تتخذه مصر بعد الانتخابات: ديمقراطية أم دينية؟
ولفهم تطور هذه الأحداث فهماَ منطقيا وصحيحاَ، تبدو ضرورية العودة إلى حقبة ثورة جمال عبد الناصر عام 1952، وهذا ما قام به علي السمان من خلال مذكراته التي طوتها ستون سنة من التاريخ المصري.